في ليبيا... أهوال لا توصف

محللون يتحدثون لـ"سبوتنيك" عن المؤتمر الدولي لإعادة الإعمار في ليبيا ‏

تحدثت "سبوتنيك" مع محللين، اليوم الجمعة، بعد ختام المؤتمر الدولي لإعادة إعمار مدينة درنة والمدن والمناطق المتضررة شرقي ليبيا، ‏الذي أقيم يومي الأول والثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، واستهدف العديد من الشركات العربية ‏والدولية، بغرض إعادة الإعمار بالطرق الحديثة التي تعتمد على سرعة الإنجاز.‏
Sputnik
منافسات دولية
يقول المحلل السياسي، محمد أمطيريد، إن "الأجندة المتبعة لهذا المؤتمر كانت في المستوى المطلوب، حسب المدة الزمنية والحالة الاستثنائية، والسرعة لحل المشاكل الإنسانية في مدينة درنة، وذلك وفقا للشروط التي تفرضها الحكومة الليبية".

وتابع في تصريحات لـ"سبوتنيك": "وفقا لمجريات المؤتمر والعروض التي قُدمت من الشركات الدولية والإقليمية من مقترحات لإعادة إعمار درنة والمناطق المتضررة، فقد كانت متنوعة، لفتت انتباه المختصين والخبراء في المجال العمراني والتخطيط الحضري، وأستشهد بأهم عرضين أثارا انتباه الحاضرين من جانب شركتين: الأولى المجموعة الإماراتية (ESS)، والثانية الشركة الصينية (CCC)، اللتان تميزتا في عروضهما بتقديم رؤية تخطيطية في مدة زمنية وجيزة، فضلا عن عدد من الدراسات بشأن مشاريع بناء السدود وتقنياتها المختلفة وكيفية الاستفادة منها".

وأضاف: "لقد عقدت جلسات تقابلية بين مسؤولي الشركات الإقليمية والدولية مع عمداء بلديات المدن والمناطق المتضررة، وذلك حتى تتسنّى الفرصة لعمداء البلديات عرض مشاريعهم، وما يحتاجونه من أعمال إعادة الإعمار في مناطقهم".
وواصل أمطيريد مؤكدا أن "عوامل النجاح تحتاج إلى إستقرار سياسي، ودولة موحدة بهيئة حاكمة مُنتخبة من الشعب، تتبع الجهات الرقابية وقضائية في حالة حدوث أي تقصير او إخلال في تنفيذ المشاريع، لأن هذا أخطر عنصر يعرّض درنة للفساد، مثلما كان سابقا من البلدية المقالة التي لازالت تخضع للتحقيقات بسبب غياب الجهات الرقابية والمحاسبة".
وبحسب رأيه، فإن "كل هذا يحتاج إلى أموال تشرف عليها دولة موحدة يكون فيها عوامل مساعدة، عن طريق صندوق دعم المال لإعادة إعمار درنة من قبل الدول الصديقة والمجتمع الدولي والمنظمات الاقليمية والدولية، القادرة على التواصل مع جسم واحد شرعي ذو سيادة وسلطة قرار، يسري على كامل التراب الليبي دون استثناء".
وأضاف أنه "على الرغم من توحيد مصرف ليبيا المركزي ورقيا، إلا أنه لا يزال هناك قصور وعزوف وصراع يلوّح بأكثر حدة عن ذي قبل من حكومة الوحدة الوطنية، في محاولة الأخيرة إقناع تركيا عدم المشاركة في هذا المؤتمر"، على حد قوله.
في ليبيا... أهوال لا توصف
ختام المؤتمر الدولي لإعادة الإعمار في ليبيا... صور
برتوكولات سياسية
من ناحية أخرى، يقول المحلل السياسي، إسلام الحاجي، إن "هذا المؤتمر من المفترض أنه لم يُعقد، ولكن صممت الحكومة الليبية المُكلفة من البرلمان على انعقاده بالرغم من كونه لن يؤدي الأهداف المطلوبة منه، إذ أنه قبل انعقاد المؤتمر كان هناك تصريح من مندوبة عن الاتحاد الأوروبي تقول إن حضورهم لا يعني تأييد لأي طرف من الأطراف الليبية، وأن حضورهم سيكون مجرد إجراء بروتوكولي ليس أكثر".
ويرى الحاجي في تصريحات لـ"سبوتنيك" أن "عملية استخدام اسم درنة والكارثة التي مرت بها وخلّفت الكثير من الأضرار والخسائر في الأرواح والممتلكات العامة والخاصة، لن ستكون بحجم عقد مؤتمر دولي في المدينة فقط، خاصة وأن درنة ليست من المدن الكبيرة والرئيسية في ليبيا، ولكن مع ذلك يجب أن يتم إعادة إعمارها، إلا أن هذا يمكن أن يقام من الدولة الليبية، خاصة وأن ليبيا كدولة نفطية لديها مداخيل، دون اللجوء إلى عقد مؤتمر دولي".
وتابع: "هذا ما أشارت له الكثير من الأطراف الدولية بأن مؤتمر دولي لإعادة المشاريع التنموية تتطلب مدى طويل، هذا الأمر لا يخص مدينة بعينها وإنما يخص القطر الليبي بالكامل، وبالتالي فإن المؤتمر أخذ صبغة سياسية أكثر من كونه شأن اقتصادي يصل للهدف المنشود من إقامة هذا المؤتمر".
وتابع أن "الحكومة الليبية تحاول إثبات بأنها حكومة دولية بدعوة أطراف دولية في بنغازي"، ولا يرى الحاجي أن "هذا المؤتمر سيحقق أي نجاح رغم مشاركة العديد من الشركات الدولية، أبرزها الشركات الصينية والإنجليزية والروسية وغيرها، ولكن يظل حضورها مجرد حضور بروتوكولي، لأنه لا يمكن لحكومة أسامة حماد الإيفاء بأي عهود أو إبرام أي عقود، خاصة وأنه يشكك في العقود الطويلة الأمد التي عقدتها حكومة الوحدة الوطنية المتحصلة على الاعتراف الدولي، فما بالك بحكومة لم تتحصل على اعتراف ليبي كامل، ولن تسيّل لها أي أموال بما فيها الأموال الليبية بالخارج"، مؤكدا بأنه "مؤتمر تشريفي بروتوكولي ليس أكثر"، على حد وصفه.
وأشار إلى أن "حكومة الوحدة الوطنية تدعو لمؤتمر دولي للإعمار والتنمية، وهي الحكومة المتحكمة في الإيرادات المالية في ليبيا والمصرف المركزي معها ولها الاعتراف الدولي، وبإمكان الدول الأخرى إبرام العقود معها، وهذه الأمور ليست من صلاحياتها لأنها جاءت من أجل الوصول للانتخابات، ولكنها لم تصل لذلك واستمرت كحكومة تنفيذية رسمية، وهي صاحبة بيت المال الذي يخوّلها للتعاقد الدولي، وربما سيكون هناك تضارب مصالح بين الأطراف الخارجية في بعضها".
ولفت الحاجي إلى أن "ليبيا تعاني في ملفها الأمني من عدم استقرار الأوضاع السياسية والأمنية، وفي حال أن تم حل الملف الأمني وتوحيد المؤسسات العسكرية والأمنية، فإن هذا ما سيذهب بليبيا إلى الاستقرار السياسي والاقتصادي، ولو حدث هذا فإنه يمكن عندها الحديث على مشاريع طويلة المدى تكلف الدولة مليارات من الدولارات".
ومن هنا، لا يرى الحاجي "أي جدية من انعقاد هذه المؤتمرات، حتى وإن عُقدت في الغرب الليبي، فالدول الكبرى كالصين وروسيا تعلم بأن أي حكومة موجودة في ليبيا الآن ليست حكومة رسمية، ولا يمكنها إبرام عقود دولية يمكن الفصل فيها أو التقاضي فيها، في حالة عدم التزام أي أطراف ببنود هذه العقود، أو الاتفاقيات طويلة المدى".
في ليبيا... أهوال لا توصف
انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي الأول لإعادة إعمار مدينة درنة شرقي ليبيا... صور
وأشار إلى أنه "سوف يكون هناك عملية تعمير لبعض الشركات الصغيرة لإحداث نوع من التعمير في درنة فقط، ولكن على المستوى العام دول العالم أجمع لديها مصالح في ليبيا، وسيكون هناك صراع عليها، ولن يسمح الغرب باستخدام المال المجمّد في الخارج أو الأرصدة الموجودة في ليبيا في المشاريع طويلة المدى، دون التوافق بين هذه الدول في تقاسم مثل هذه المشاريع ذات القيم الكبيرة".
وتابع مشددا أن "ما نراه هو مضيعة للوقت، إذ تسعى الأطراف الليبية المتصارعة لإثبات شريعتها، وبأنها هي الشرعية والمسيطرة على الحكم، ولكن في الحقيقة هناك دول خارجية هي المسيطرة على المشهد في ليبيا"، بحسب وصفه.
وأردف متسائلا: "هل من الجدي أن حكومة الوحدة الوطنية والمصرف المركزي المتواجدان في الغرب الليبي يقومان بتسييل الأموال للشركات التي ستتعاقد معها حكومة حماد في الشرق"، واصفا ذلك بـ"غير المعقول وإنما هي نقطة خلاف وصراع بين الطرفين".
وختم بقوله إن "عملية حضور بعض الشركات الدولية، هي محاولة بأن يكونوا في أولوية الدول التي سُتمنح هذه المشاريع، وأن من حضروا ستكون لهم الأولوية، ولكن تظل الأمور تحت بند المجاملات، وإثبات وجود ليس أكثر".
مناقشة