الخلاف المغربي الجزائري... ما وراء تصريحات عطاف والخطوات المرتقبة بين البلدين

أعاد حديث وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، بشأن العلاقات مع المغرب ملف الخلافات بين البلدين للواجهة مرة أخرى.
Sputnik
الوزير الجزائري تحدث أخيرا في حوار صحفي، عن أن بلاده أكثر ميولا لحل الخلافات مع الجارة المغرب، وأنه ينتظر اليوم الذي يعود فيه المغرب العربي للعمل بشكل موحد، لافتًا إلى أن بلاده مستعدة لتهيئة الأرضية المناسبة.
يأتي حديث عطاف في مرحلة تشهد المنطقة توترات إقليمية ونزاعات دولية، الأمر الذي يطرح تساؤلات بإمكانية حل الخلافات القائمة بين البلدين والتي ترتبط بالنزاع حول الصحراء.
رغم الخلافات الحادة المتفاقمة بين البلدين، وحديث الرئيس الجزائري في وقت سابق عن أن بلاده قطعت العلاقات مع المغرب، تفاديا لسيناريو الحرب، يأتي حديث عطاف مغايرا، إذ يفتح الباب لتساؤلات عن مدى إمكانية الحوار، إذ يصر المغرب على مشاركة الجزائر في أي حوار بشأن ملف الصحراء، فيما تقول الأخيرة إنها ليست طرفا.
وأيدت بعض الدول مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب بشأن ملف الصحراء، فيما أكدت بعض الدول أنها مع قرارت مجلس الأمن والأمم المتحدة بهذا الخصوص، فيما التزمت بعض الدول العربية الأخرى الصمت حيال القضية.
"طلبك مرفوض" على مواقع التواصل في الجزائر ردا على مناشدة ملك المغرب
خلال السنوات الأخيرة تصاعدت الخلافات بين البلدين ما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية، وأغلقت الجزائر المجال الجوي أمام حركة الطيران المغربي، كما رفضت الجزائر مساعدة المغرب في إطفاء الحرائق التي اندلعت في صيف العام الحالي، تبعه رفض مغربي لمساعدة الجزائر في أحداث الزلزال الذي ضرب جهة مراكش في سبتمبر/ أيلول الماضي.
يجمع الخبراء على أن التوافق بين البلدين يمكن أن يحقق نسب نمو مهمة بالنسبة للبلدين، الأمر الذي يدفع نحو مستويات اقتصادية مهمة للجارتين وتونس وليبيا، غير أن الخلافات المستمرة تحول دون ذلك التوافق.
في 17 فبراير/ شباط عام 1989، تم تأسيس اتحاد المغرب العربي، وكان يضم المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا.
تعود فكرة إنشاء الاتحاد المغاربي إلى أول مؤتمر للأحزاب المغاربية عقد في مدينة طنجة المغربية عام 1958، وضم ممثلين عن "حزب الاستقلال" المغربي و"الحزب الدستوري" التونسي و"جبهة التحرير الوطني" الجزائرية.
بعد استقلال الدول المغاربية أسست اللجنة الاستشارية للمغرب العربي عام 1964، والتي كانت تهدف إلى تقوية العلاقات الاقتصادية بين دول المغرب العربي.
برلمانيان جزائريان: التوترات مع المغرب غير مسبوقة وعودة العلاقات مستبعدة
جاء بعد ذلك بيان "جربة الوحدوي" بين ليبيا وتونس عام 1974 ومعاهدة "مستغانم" بين ليبيا والجزائر و"معاهدة الإخاء والوفاق" بين الجزائر وتونس وموريتانيا عام 1983، وهي جميعها خطوات مهدت لتأسيس الاتحاد ضمن جملة من الأهداف، أعلن عنها في "بيان زرالدة" في مدينة زرالدة الجزائرية عام 1988، ثم تم الإعلان عن تأسيس الاتحاد عام 1989.
يقول البرلماني المغربي جمال بنشقرون، إن عودة الاتحاد المغربي للوحدة مرة أخرى وكذلك الوحدة العربية، بات يمثل تطلعات الشعوب العربية.
يضيف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن الاتحاد المغاربي يمكن أن يقدم معدلات تنمية هامة في كافة المجالات، والوقوف أمام التحديات والتوترات الإقليمية ومخاطر الجماعات الإرهابية أيضا.
رغم ما يحققه اتحاد المغربي العربي للمنطقة، لكن بنشقرون يرى أن بعض العراقيل تضعها الجزائر أمام هذا الاتجاه، وهو الأمر ذاته الذي تقوله الجزائر تجاه المغرب.
يلفت إلى بنشقرون إلى أن حديث وزير الخارجية بشأن تهيئة الأرضية المناسبة يتناقض مع موقفها من الوحدة الترابية للمغرب، فيما تقول الجزائر إنها مع قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة في هذا الإطار وحق تقرير المصير.
ملك المغرب يدعو الجزائر لفتح الحدود ويصف علاقة البلدين بالمستقرة
ويشدد بنشقرون على أن قضية الصحراء هي محورية بالنسبة للمغرب، وأن الجزائر عليها التراجع عن دعم جبهة "البوليساريو"، ودعم مقترح الحكم الذاتي، بما يسهم في صفحة جديدة في إطار التعاون بين البلدين، بما ينعكس على مسار إعادة اتحاد المغرب العربي للعمل.
وفق بنشقرون، فإن الوحدة المغربية والعربية تسهم بقدر كبير في رفع منسوب التنمية في شمال أفريقيا والمنطقة، كما تعزز من قوة الجبهة العربية في مواجهة النزاعات الحاصلة.
وشدد على أن المغرب لن يقبل تحت أي ظرف منازعته في وحدته الترابية ولن يفرط في حدوده، رغم حرصه على العمل العربي المشترك وتطلعه للعمل مغاربيا ضمن الاتحاد المغاربي.
في الإطار قال الباحث الجزائري نبيل كحلوش، إن العلاقات الجزائرية المغربية تم حكمها بمنطق سياسي وأمني أكثر منه جغرافي لمدة طويلة.، وكانت الجغرافيا تعود لتنتقم في كل مرة لأنها حتمت على الدولتين التقارب في عدة أحداث تاريخية آخرها الزلزال الكبير في المغرب، فضلا على أن التهريب الحدودي بين البلدين أكد بأنه لا يمكن فصل العمق الجغرافي للاقتصاد بينهما، حيث تشير إلى أن الحتمية الجغرافية هي معامل محوري في معادلة العلاقات البينية.
الرئيس الجزائري: العلاقة بين الجزائر والمغرب وصلت إلى نقطة اللاعودة
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أنه من خلال تحليل خطابات النخب السياسية الحاكمة في المغرب أو الجزائر يمكن رصد التوجسات المشتركة لدى الطرفين من التحولات العميقة في بنية (اللانظام الدولي) الذي تميز بفوضوية حادة جدا، وهذا ما يعكسه مؤخرا حديث وزير الشؤون الخارجية الجزائري بشأن ميول الجزائر نحو حل الخلاف مع المغرب.
يوضح كحلوش" أن التوتر في مالي والنيجر وإقليم الساحل عموما والتوغل الصهيوني في المنطقة الذي أراد توظيف أراضي المغرب -مستغلا التوتر الدبلوماسي بين الجيران- لتوسيع نفوذه الإرهابي في المنطقة، بدأ يشكل كل ذلك إدراكا استراتيجيا لدى (النخب الوطنية) في الجزائر والمغرب على حد سواء بضرورة إعادة بناء العلاقات بين أكبر قطبين في الإقليم المغاربي".
وتابع أن البلدين يشكلان أكثر من 2.7 مليون كلم مربع من مساحة شمال غرب إفريقيا، وما يقارب 350 مليار دولار كحجم اقتصادي لكليهما، وما يناهز 80 مليون نسمة ككتلة ديموغرافية، إضافة إلى الروابط الاجتماعية والحضارية التي بإمكانها أن تكون معطيات أساسية في صيانة العلاقة الثنائية من جديد وتشكيل (جدار جيوبوليتيكي) في مواجهة التحديات المعولمة الجديدة وتفعيل الاتحاد المغاربي مجددا. مع ترتيب الملفات الخلافية وفق أطر جديدة وتفاهمات مشتركة لحلها بشكل أنجع.
وفي 24 أغسطس/ آب 2021، قطعت الجزائر علاقاتها مع المغرب، بعد إغلاق للحدود بين البلدين منذ عام 1994 بعد تفجيرات فندق "أطلس أسني" بمراكش، عندما فرض الملك الراحل الحسن الثاني التأشيرة على الجزائريين لدخول البلاد، ما دفع الجزائر حينها إلى غلق الحدود البرية بين البلدين، كما تكرس هذا التوتر بقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
مناقشة