وبحسب "القناة 12" الإسرائيلية، يتضمن الاتفاق تنازلا إسرائيليا عن مقطع داخل البحر مقابل تنازل لبناني عن منطقة أكثر قربا من الشاطئ، معتبرة أن تسوية من هذا القبيل يعمل عليها عاموس هوكشتاين الوسيط الأمريكي لإنهاء النزاع الحدودي لترسيم الحدود المائية بين لبنان وإسرائيل.
وطرح بعض المراقبين تساؤلات عن حجم التنازلات التي قدمها الطرف اللبناني لإسرائيل وإمكانية مساهمتها في حل أزمة ترسيم الحدود، وكذلك عن موقف "حزب الله" الذي أكد الدفاع عن حقوق لبنان النفطية.
وكانت "القناة 14" الإسرائيلية ذكرت أن "إسرائيل قدمت من خلال الوسطاء عرضا جديدا للبنان لحل أزمة ترسيم الحدود البحرية، لكن أكدت أن موضوع منصة "كاريش" للغاز لا تنازل فيه".
تنازل لبناني
اعتبر ميخائيل عوض، المحلل السياسي اللبناني، أن لبنان قدم تنازلات كبيرة لإسرائيل في قضية ترسيم الحدود، بمجرد القبول بالتفاوض على أساس خط الـ 23 والتنازل عن إحداثيات اتفاق 17 أيار الموقع مع إسرائيل، حيث قدم مساحات وحقولا أكبر، من بينها حقل كاريش ضمن حصة لبنان.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، موقف "حزب الله" واضح من البداية، حيث أعلن عدم التدخل في مسألة الترسيم مباشرة، ولا في تحديد نقاط الترسيم للجهات اللبنانية، واعتبرها مسؤولية الحكومة، والتزم بالدفاع عنها وعما تقره الحكومة والجهات اللبنانية الرسمية.
وأكد أن المفاوض اللبناني والحكومة قدمت تنازلات كبيرة، ولم يمانع حينها "حزب الله"، بل قال إنه يلتزم بما تتفق عليه الحكومة وتقرره، مشيرًا إلى أن الجانب الإسرائيلي لم يقدم أي تنازلات كما تحاول وسائل الإعلام الإسرائيلية ترويجه.
وقال إن إسرائيل نهبت نفط فلسطين، وأجزاء من الأراضي اللبنانية، وتحاول الآن السطو على غاز لبنان، والمنظومة الحكومية المفاوضة ومن خلفها الطبقة السياسية في محاولة لحماية نفسها والخضوع للضغوط الأمريكية قدموا تنازلات كبيرة هدية لإسرائيل في مسألة ترسيم الحدود البحرية.
تنازلات متبادلة
في السياق، اعتبر سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، أن اتفاق ترسيم الحدود هو اتفاق حول إطار توافقي يتضمن تنازلات متبادلة، لأن كل خلاف يعكس وجهة نظر كل فريق، والتسوية تتضمن تنازلات متبادلة من الطرفين، وإلا لا يمكن الوصول لصيغة توافق.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هذا الاتفاق يرسم الإطار المشترك الذي يتفق عليه الطرفان للدخول في التفاصيل التقنية الذي يتطلب بعض الوقت، وهو نوع من الاتفاق المرحلي لتفادي المواجهة العسكرية، والخروج من هذا المأزق الذي يتفاداه الجميع، فالحرب مكلفة ولا يفضلها أي من الطرفين، خاصة أنها تفرض أثمانا باهظة على الدول.
وتابع: "الأطراف الدولية والإقليمية تخشى المواجهات العسكرية، لأنها ستكون لها انعكاسات على أوروبا لجهة تأمين الغاز وغيرها، لذلك يجرى الضغط من كافة الأطراف للتوصل إلى إطار يجمع عليه الطرفان ويتضمن تنازلات مزدوجة، تساعد على إيجاد حل، ولو على مراحل لفك العقد الموجودة بين الطرفين".
وفيما يتعلق بموقف "حزب الله" من هذه التنازلات، قال إن الحزب له موقف مبدئي من إسرائيل لكنه اعتبر أن كل ما تتوافق عليه الدولة اللبنانية يوافق عليه، بمعنى أن القرار الأساسي للدولة اللبنانية، وهو ما يكمن اعتباره موافقة ضمنية لأي اتفاق يوافق عليه الطرف اللبناني، ويحفظ إلى حد ما حقوق اللبنانيين باستخراج النفط للخروج من هذا المأزق الاقتصادي والمالي الموجود.
واستطرد: "لذلك هناك سباق بين التسوية وهذا الإطار التوافقي، والتهديد والوعيد بإشعال حرب أو القيام بعمليات أمنية وعسكرية، لذلك الحل النهائي مرتبط بالتسويات الإقليمية والدولية والاتصالات التي تجري بين جميع الأطراف لاحتواء الأزمة، والوصول إلى حل لتفادي حرب أوسع تكون انعكاساتها خطيرة على جميع الأطراف".
وقال نائب رئيس مجلس النواب اللبناني، إلياس بو صعب، إن المفاوض الأمريكي لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل أموس هوكشتاين سيتواصل معه خلال أسبوع، وذلك تمهيدا لوضع تصور خطي حول موضوع ترسيم الحدود البحرية اللبنانية المتنازع عليها مع إسرائيل.
وقال بيان صادر عن مكتب نائب رئيس مجلس النواب اللبناني، أمس الاثنين: "أطلع بو صعب هوكشتاين على ما توصلت إليه آخر الاتصالات التي أجراها مع المسؤولين الإسرائيليين والتي كان آخرها منذ أيام قليلة، مؤكدا له أنه سيعاود التواصل معه خلال أسبوع لاستيضاح بعض النقاط تمهيدا لوضع تصوره خطيا لما ناقشه في لبنان خلال زيارته الأخيرة".
وأضاف البيان أن "بو صعب جدد التأكيد على موقف لبنان، لافتا إلى عامل الوقت الضاغط، ومشددا في هذا السياق، على ضرورة العمل ضمن المهل المقبولة لما فيه مصلحة التفاوض".
يشار إلى أن الولايات المتحدة كلفت هوكشتاين للتوسط بين بيروت وتل أبيب في قضية ترسيم الحدود المائية بينهما.