زيادة رسوم عبور السفن بقناة السويس.. فوائد اقتصادية أم تقليل للمزايا التنافسية؟

أثارت خطوة زيادة رسوم مرور جميع أنواع السفن في قناة السويس مجموعة من التساؤلات المهمة، لا سيما فيما يتعلق بالعوائد الاقتصادية من العملة الأجنبية لمصر، ومدى تأثير هذه الخطوة على تقليل تنافسية القناة بالنسبة للمرات الملاحية الأخرى.
Sputnik
الزيادة الجديدة التي تمثل 15% من الرسوم السابقة، لن تشكل أي فارق في حركة التجارة الدولية بقناة السويس، بحسب المراقبين، حيث لا تزال منخفضة مقارنة بباقي الموانئ والقنوات الملاحية، حيث تحتاج السفن إلى استخدام وقود أكبر وأيام أكثر للمرور من طريق رأس الرجاء الصالح، وهو ما يتخطى تكلفة المرور الجديدة في القناة.
هيئة قناة السويس تعلن تحقيق إيرادات بقيمة 40 مليار دولار في 7 سنوات
ويؤكد المراقبون أن التنافسية لدى قناة السويس ما زالت قائمة وبقوة، لا سيما في ظل المزايا الأخرى التي تقدمها القناة من خدمات لوجستية ومشروعات ومراكز خدمة متنوعة، ناهيك عن بدء مشروعات لاستخدام الهيدروجين الأخضر والطاقة النظيفة.
وأعلن الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، "زيادة رسوم العبور لجميع أنواع السفن العابرة للقناة بنسبة 15% خلال عام 2023، فيما تزيد رسوم عبور كل من سفن الصب الجاف والسفن السياحية بنسبة 10%".
تنافسية قناة السويس
اعتبر الدكتور أحمد درويش، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس الأسبق، أن زيادة رسوم عبور جميع أنواع السفن بالقناة، بنسبة تصل إلى 15%، خطوة محسوبة ومدروسة بدقة من قبل الهيئة، وتساهم بشكل إيجابي في دعم الاقتصاد المصري، لكن بنسب محدودة، حيث توفر القناة ما يقرب من 6 مليارات دولار، فيما تسجل مصر فاتورة استيراد من 70 إلى 90 مليار دولار.
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن المنطقة الاقتصادية بقناة السويس يمكنها تحقيق عائدات أكبر من هذه الأرقام إذا أحسن استغلالها، مؤكدًا أن القناة تمثل 6% من احتياجات مصر للدولار، وبعد الزيادة تصل إلى 6.8% أو 7%، وهي أرقام لا يمكنها حل الأزمات الاقتصادية بمفردها، بل تحتاج إلى زيادة التصدير، وغيرها من الخطوات الاقتصادية الأخرى.
وأكد أن تحويلات المصريين في الخارج تتراوح ما بين 32 إلى 34 مليار دولار، ما يزيد عن عوائد قناة السويس بـ 5 أضعاف تقريبًا، مشددًا على ضرورة استثمارها بشكل جيد، واستغلال الثروة البشرية التي تتمتع بها مصر، لزيادة هذا الجانب إضافة إلى زيادة التصدير للخارج، حيث أوضح أن قناة السويس من بين الموارد المهمة لتوفير العملة الأجنبية لكنها الأقل في هذا الصدد.
"وقت قياسي".. رئيس قناة السويس يكشف سبب جنوح ناقلة البترول
وعن تأثير خطوة زيادة رسوم العبور على الخدمات اللوجستية للدول التي تعبر سفنها عبر قناة السويس، قال إن نقطة التعادل بين قناة السويس والطرق المنافسة لا تزال بعيدة رغم زيادة سعر المرور في القناة، وذلك بسبب ارتفاع أسعار البترول والطاقة، مؤكدًا أن هيئة قناة السويس تمتلك خبرات واسعة حددوا نسب الزيادة تحديدًا دقيقًا، وبعد دراسة متأنية وتقديم نماذج محاكاة للطرق الأخرى.
وأشار إلى أن السفن التي تمر عبر قناة السويس تحسب تكلفة العبور، وتقارنه بتكلفة العبور من الطرق الأخرى، مثل رأس الرجاء الصالح، والذي يحتاج إلى كميات وقود أكبر، ووقت أكثر من العبور في قناة السويس، لا سيما تلك السفن التي تأتي من الخليج العربي، موضحًا أن قناة السويس لا تزال أرخص الطرق رغم الزيادة، ولن يحدث أي تأثير في تنافسيتها بسبب ارتفاع أسعار البترول.
فوائد اقتصادية
بدوره اعتبر النائب أحمد سمير، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشيوخ المصري، أن اتخاذ قناة السويس قرار رفع رسوم العبور خطوة مهمة في ظل المرحلة الحرجة التي يمر بها الوضع الاقتصادي المصري والعالمي، وفي ظل سعي كل الدول لزيادة إيراداتها بشكل كبير، مؤكدًا أن القرار جاء بعد دراسة للأسواق والأسعار المحيطة في القنوات الملاحية الأخرى التي تمر عبرها حركة التجارة الدولية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، جاءت هذه النسبة من زيادة الرسوم من أجل الحفاظ على تنافسية قناة السويس مع الممرات البحرية الأخرى، وفي ظل وضع اقتصادي حساس، وباعتبار أن قناة السويس أحد مصادر الإيرادات الهامة وزيادة الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة للدولة المصرية، حيث تعمد الزيادة الجديدة إلى زيادة هذه المداخيل من النقد الأجنبي لدعم الاقتصاد المصري في هذه المرحلة الصعبة.
وعن تأثير هذه الزيادة على تنافسية قناة السويس أمام القنوات الأخرى، استبعد النائب المصري أن يكون هناك أي تأثير، حيث أكد أن الزيادة جاءت بعد رؤية ودراسة كبيرة للأسعار في الموانئ الأخرى، وحجم التأثير والتنافسية.
وأوضح أنه لن يكون هناك أي تأثير في هذه النقطة، لا سيما وأن قناة السويس تتمتع بمزايا أخرى أبرزها اعتبارها من أقصر طرق النقل البحري، وكذلك حجم الخدمات اللوجستية التي تقدمها القناة، ومشروعات محور قناة السويس، وبدء إنشاء مراكز ومشروعات صناعية في مصر للحفاظ على البيئة واستخدام الهيدروجين الأخضر.
قائد البحرية الإيرانية: قواتنا عبرت قناة السويس على ثلاث مراحل
ولفت سمير إلى أن قناة السويس والمشروعات اللوجستية الصناعية على جانبيها والتي تفيد حركة القناة، وكذلك أسعار العبور التي لا تزال مميزة، يؤكد أن قناة السويس ستظل محتفظة بتنافسيتها في الحركة التجارية الدولية.
وكان رئيس هيئة قناة السويس قد أعلن أن "قرار الزيادة المُقررة سيبدأ تطبيقه بداية من شهر يناير (كانون الثاني) مطلع العام المقبل"، مؤكدا حرص الهيئة على تطبيق استراتيجية تسعيرية وتسويقية متوازنة ومرنة تحقق المصالح المشتركة للهيئة وعملائها، وتراعي الظروف الاقتصادية العالمية ومتغيراتها المختلفة.
وأضاف رئيس الهيئة أن "القرار يأتي في ضوء المتابعة المستمرة لمستجدات المتغيرات السوقية لقطاع النقل البحري والتي ترصد استمرار ارتفاع فئات التأجير الزمني اليومي لمعظم أنواع السفن لمستويات غير مسبوقة وتوقعات استمرارها خلال العام القادم".
وأشار إلى "تأثير ارتفاع أسعار الطاقة على معادلة حساب الرسوم حيث يؤدي استمرار ارتفاع أسعار البترول الخام فوق مستوى الـ 90 دولار للبرميل، وارتفاع متوسط اسعار الغاز الطبيعي المسال أعلى من مستوى 30 دولار/مليون وحدة حرارية إلى ارتفاع متوسط سعر وقود السفن وبالتالي زيادة الوفر الذي تحققه قناة السويس بالمقارنة بالطرق البديلة الأخرى".
وكشف الفريق أسامة ربيع عن "ما تحمله زيادة رسوم عبور السفن من ضرورة في ظل ارتفاع معدلات التضخم العالمية الحالية إلى ما يزيد عن 8% مما يؤدي إلى زيادة تكاليف التشغيل والصيانة وتقديم الخدمات الملاحية بالقناة".
مناقشة