توقف المفاوضات النووية بين إيران وأمريكا... تعثر مرحلي أم عودة للمربع صفر؟

بعد فترة من التوهج ظن الجميع معها أن توقيع الاتفاقية بات قريبًا، تمر المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية برعاية غربية بفترة من الجمود، خاصة في ظل عودة تبادل الاتهامات بين واشنطن وطهران.
Sputnik
طرح هذا الجمود تساؤلات بشأن مصير الاتفاقية النووية بعد كل هذا الجهد المبذول، وهل هناك إمكانية لاستكمال المفاوضات والتوصل لاتفاق، أم أن العودة للمربع الأول بات المصير المحتوم؟.
تقول فرنسا إن قبول إيران المقترح الأوروبي الأخير هو الحل لإعادة إحياء الاتفاق النووي، فيما أوضحت واشنطن أن فشل التوصل لاتفاق يأتي في ظل المطالب الإيرانية غير الواقعية والتي لا تمت للمحادثات بصلة.
إيران تحذر الولايات المتحدة وأوروبا من ربط المحادثات النووية بالقضايا الداخلية
حذر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر الكنعاني، الولايات المتحدة وأوروبا من ربط مشاكل إيران الداخلية الأخيرة بالمحادثات النووية.
وأضاف أن "مواقف إيران ووجهات نظرها (بشأن المحادثات النووية) تم التعبير عنها في مناسبات عديدة، ونحن مستعدون للمضي في نفس الاتجاه والتوصل إلى اتفاق شامل يلبي مصالح جميع الأطراف".
مرحلة جمود
اعتبر محمد غروي، المحلل السياسي الإيراني، أن المفاوضات النووية بين إيران والمجموعة الدولية، تمر بمرحلة من الجمود، رغم التصريحات الأمريكية والإيرانية المتبادلة التي تقول إنها جارية ولو بوتيرة بطيئة، مؤكدًا أن هذا التوقف يعود لعدة أسباب أهمها الرفض الأمريكي لنقطة التعهدات التي طلبتها طهران، وكذلك ملف منظمة الطاقة الذرية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، توقف المفاوضات يعود كذلك إلى قرب الانتخابات الأمريكية، حيث لا ترغب الولايات المتحدة في إعطاء ما تسميه بـ "التنازلات" للجانب الإيراني، حتى لا يبدو جو بايدن ضعيفًا أمام الرأي العام، وأنه يتنازل أمام طهران.
وتابع: "أما على الجانب الآخر، تتهم طهران واشنطن بشكل مباشر وإسرائيل بالوقوف خلف أعمال العنف والتخريب التي تشهدها طهران وبعض المحافظات الإيرانية، وهو الأمر الذي يلقي بظلاله على المفاوضات سواء من أمريكا أو أوروبا، لا سيما في ظل توتر العلاقات الإيرانية الأوروبية".
العقوبات الأمريكية
ويرى أن أوروبا التي كانت وسيطًا – ولو ظاهريًا- في المحادثات النووية، بدا واضحًا أنها تسير في ركب الولايات المتحدة وتذهب بعيدًا في اتهاماتها الموجهة إلى إيران، وبات شريكة في العقوبات الأمريكية، والتصريحات الأوروبية المنفردة والمجتمعة، والعقوبات المتجددة تقود العلاقات إلى مرحلة اسوأ كل يوم.
إيران: إحياء الاتفاق النووي لا يزال ممكنا
ويعتقد غروي أن "واشنطن بدأت فعليًا في تطبيق الخطة (ب) التي كانت تلوح بها قبل التوصل لاتفاق، وهي تعني بالاتجاه لمزيد من الضغط على إيران سواء بالعقوبات أو التصريحات الإعلامية، إو تشجيع الجماعات الإرهابية في العبث بالداخل الإيراني، وذلك بالتعاون مع الدول الغربية.
وأكد أن إيران قبل أعمال العنف ليس كما بعدها، وبدا واضحًا أنها قد تتجه بعد انتهاء هذه الأحداث لدراسة كيفية التعاطي مع أوروبا وأمريكا الذين يمارسون أبشع أنواع العقوبات والضغوط على الطرف الإيراني.
وجهات نظر مختلفة
بدوره اعتبر محمد محسن أبوالنور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية (أفايب) أن توقف وتجمد المفاوضات النووية يعود إلى اختلاف وجهات النظر الأمريكية والإيرانية حول أمرين؛ الأول مسألة تسوية الملف الخاص بمطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والأمر الثاني التوقيت.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هناك أصوات في الداخل الأمريكي ترى بأن الوقت المناسب لتوقيع الاتفاق النووي هو بعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأمريكي والمقرر عقدها هذا الخريف، كما أن هناك أصواتا في إيران تريد أن تنتظر لترى هل سيكون هناك أغلبية جمهورية تعرقل أي اتفاق محتمل، أم ديمقراطية.
وأكد أن الانتخابات الأمريكية المقبلة قد تشهد فوز الجمهوريين بأغلبية مريحة، وهو ما يخشاه المعسكر الإيراني، الذي يرى أن الوقت غير مناسب لتوقيع الاتفاقية النووية.
مخالفات تفنية
ولم يذهب أبو النور إلى أن هذا الجمود يعني العودة للمربع الأول، فهناك مجهود كبير بذل منذ أبريل 2021 وحتى الآن، ونحن الآن في المراحل الأخيرة لاتخاذ المواقف السياسية، حيث تم اجتياز كل الأمور الفنية، لكن الطرفان في مرحلة اتخاذ القرار السياسي المتعلق بالضمانات التي تطلبها إيران، أو المطالب الأمريكية المتعلقة بأن تسوي طهران أولا الملف الخاص بالمخالفات التقنية المتعلق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية.
إيران: تبادل الرسائل في المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران مستمر عبر الوسطاء والمنسقين
ووقعت إيران على الاتفاق النووي مع القوى العالمية في يوليو/ تموز عام 2015، حيث وافقت على كبح برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الغربية عن البلاد.
ومع ذلك، سحب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب واشنطن من الاتفاق وأعاد فرض عقوبات أحادية الجانب على طهران، مما دفع الأخيرة للتخلي عن بعض التزاماتها بموجب الاتفاق.
وبدأت المحادثات بشأن إحياء الاتفاق النووي للعام 2015 في أبريل/ نيسان عام 2021 في فيينا.
وفي 8 أغسطس/آب من هذا العام، قدم الاتحاد الأوروبي "النص النهائي" لمشروع القرار الخاص بإحياء اتفاق 2015، وتبادلت إيران والولايات المتحدة لاحقا وجهات النظر بشكل غير مباشر حول اقتراح الاتحاد الأوروبي في عملية فشلت حتى الآن في تحقيق أي نتيجة إيجابية.
مناقشة