أستاذ علوم سياسية سعودي يكشف أهداف الضغط الأمريكي على الرياض وأسباب تدهور العلاقات

شهدت الفترة الأخيرة توترات بين واشنطن والعديد من الدول العربية، إثر عمليات الضغط التي سعت واشنطن لممارستها على بعض العواصم بسبب المواقف المحايدة من العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
Sputnik
كانت السعودية من بين العواصم التي هاجمتها واشنطن بعد قرار "أوبك +" الأخير بخفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا، لكن اللهجة الأمريكية كانت هي ذاتها منذ وصول بايدن للحكم والذي بادر بتهديد المملكة ومهاجمتها في أكثر من مرة.
في الإطار، كشف الأكاديمي هشام الغنام والخبير في العلاقات الدولية، أسباب الضغط الأمريكي على المملكة العربية السعودية والهجوم المتكرر من إدارة بايدن، والأسباب التي أدت لتدهور العلاقات بين البلدين.
وأوضح الغنام أن المنطقة تمر بتغيرات مختلفة، فيما تتجاهل الولايات المتحدة هذا التغيير الذي يمثل نقطة تحول على جميع الأصعدة.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن موقف إدارة بايدن من السعودية الأخير ليس بالجديد، فمنذ أن أعلن انتخابه وهو يتوعد السعودية، بمحاسبة المتورطين في مقتل جمال خاشقجي والضغط على الرياض في ملفات أخرى، مثل العلاقات مع الصين وروسيا.
ويرى أن

"التصريحات المتكررة من قبل إدارة بايدن، وما يسمى بالتيار التقدمي في الحزب الديمقراطي والتلويح بمعاقبة السعودية أصبحت قصة مملة".

وتابع أن "إعادة النظر في العلاقات مرة أخرى هو رد الاعتبار إلى العلاقة الأمريكية-السعودية بشكلها التقليدي الذي لم يعد قائما كما تتخيله واشنطن، وأنه من المهم اتخاذ خطوة للخلف ومحاولة رؤية العلاقة بإطارها الأوسع، وكيف تدهورت".
ولفت إلى أن الولايات المتحدة منذ انسحابها من العراق ومن ثم الاتفاق النووي مع إيران أعطت الرياض فرصة لإعادة التفكير من موقف الإدارة الأمريكية العام، وخصوصا الحزب الديمقراطي على وجه الخصوص، وأن هناك ثمة موقف وتصريحات مرتبطة بالموقف الأمريكي الجديد من الصين وروسيا على وجه التحديد، وعلى العقيدة الأمريكية القائمة على نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان ومعاقبة الدول التي لا تنتهج المنهج الغربي بالحكم والقيادة في العالم، والتي أكدتها استراتيجية الأمن القومي الأمريكي والصادرة هذا الشهر أكتوبر/تشرين الأول 2022.
سفارة السعودية في الولايات المتحدة تؤكد أن قرار "أوبك +" يستند للاقتصاد وليس للسياسة
واتصالا بالأزمة في أوكرانيا، أوضح الغنام أن المملكة أبانت عن موقفها منذ بدايتها وأوضحت أنها ترى الحوار هو الطريق الوحيد للحل، وأن التصعيد العسكري سيجلب تصعيدا وتدهورا أكبر، وأن استخدام النظام المالي كسلاح ضد روسيا لن يعجل بنهايتها.
وشدد على أن القاعدة الأساسية التي ينبغي التركيز عليها هي "أنه خلال السنوات الماضية نمى للرياض تصور أن رد الفعل الأمريكي للقضايا الاستراتيجية والأمنية والعسكرية المتعلقة بالمملكة، تشير إلى عدم التقدير والاحترام، والاعتبار لما تراه الرياض أنه من أولوياتها".
وشهدت السنوات الماضية العديد من الأحداث التي تعكس شيء من التدهور في العلاقة بين واشنطن والرياض، منها الموقف من الحرب في اليمن وتصريحات ومواقف الإدارة الأمريكية المتضاربة حولها، حسب الغنام.
يشير الغنام إلى أن الرياض اعتبرت أن واشنطن غير معنية بالحفاظ على الأمن القومي السعودي، كما هو الحال مع الرد على التهديدات الأمنية الجديدة التي تواجهها المملكة من تصعيد في الصواريخ المسيرة منخفضة التكلفة وطائرات من دون طيار.
وبحسب الغنام، فإن الضغط الأمريكي الحالي هو رغبة في إعادة اعتبار وتموضع للقوة الأمريكية في المنطقة، من خلال الضغط على حلفاء أمريكا التاريخيين في الشرق الأوسط وعلى رأسهم السعودية، ومحاولة استمالتهم في التقرب من الولايات المتحدة وابتعادهم عن قوى عالمية أخرى كالصين وروسيا.
وختم الغنام، بقوله إن الرياض ترفض هذه الضغوط جملة وتفصيلا، ولن تسمح أو تقبل أن يتم تسيس القضايا الاقتصادية والفنية، والمجمع عليها من دول "أوبك بلس" لموقف الولايات المتحدة من روسيا والأزمة في أوكرانيا".
الجامعة العربية تعلن تضامنها مع السعودية على خلفية قرار "أوبك+"
وأخيرا، دافعت مجموعة "أوبك +" النفطية، عن تخفيض إمدادات الخام العالمية الذي أعلنته في وقت سابق من هذا الشهر، قائلة إن القرار مبرر بالمخاطر المتزايدة بحدوث ركود عالمي.
واتفقت المنظمة في الخامس من أكتوبر على خفض هدفها الجماعي لإنتاج النفط الخام بمقدار مليوني برميل يوميا، ما أثار استياء الولايات المتحدة التي ادعت أن المملكة تساعد روسيا في عمليتها العسكرية في أوكرانيا.
لكن وزير النفط الإماراتي سهيل المزروعي قال إن القرار كان مدفوعا فقط بعوامل العرض والطلب، ويظهر انخفاض الأسعار منذ الاجتماع أنه كان القرار الصحيح. وكرر وزيرا النفط من الكونغو وغينيا الاستوائية هذا الدفاع، فيما قال كبير مسؤولي "أوبك" إن المنظمة ليس لديها خيار سوى اتخاذ إجراء استباقي.
مناقشة