بعد زيارة ميقاتي وعون للسعودية وقطر... هل ثمة مقاربة خليجية لحل أزمة لبنان وما فرص نجاحها؟

في وقت ينتظر فيه السياسيون اللبنانيون تدخلًا دوليًا وإقليميًا لحسم مسألة انتخاب الرئيس الجديد، يبدو أن حراكًا عربيًا وتحديدًا من دول الخليج قد بدأ لمحاولة حلحلة الأزمة ومنع الانهيار الشامل.
Sputnik
ومؤخرًا، زار رئيس الوزراء اللبناني المكلف نجيب ميقاتي المملكة العربية السعودية، فيما استقبلت الدوحة قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون، وأحد أبرز المرشحين لرئاسة بيروت، وناقش الرجلان مسألة خلو سدة الرئاسة، والحلول الممكنة لحل الأزمة السياسية والاقتصادية الراهنة.
لبنان ينفي استخدام مطار الحريري لنقل أسلحة إيرانية بعد تهديدات إسرائيلية بضرب بيروت
وطرح البعض تساؤلات بشأن الحراك الخليجي في المسألة اللبنانية، وتحديدًا دولة قطر، وما إمكانية نجاحهما في حلحلة الأزمة، في ظل فشل القوى الدولية مثل فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وضع حد للفراغ الرئاسي هناك.
علاقات قطرية
اعتبر جاسم بن ناصر آل ثاني، المحلل السياسي القطري، وعضو اللجنة الأوروبية للقانون الدولي، أن زيارة رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إلى المملكة العربية السعودية، وجوزيف عون إلى قطر، يؤكد أن لبنان قريبة من دول الخليج، باعتبارها الداعم الأكبر لها في السنوات الأخيرة.
وأكد أنه تم التطرق في هذه الزيارات إلى خلو سدة الرئاسة اللبنانية وتعثر الاتفاق على شخصية الرئيس المقبل، وآثاره على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن قطر دائمًا ترحب بالتوسط بين الدول والقوى السياسية المتناحرة، وتقريب وجهات النظر حول ملفات مشابهة، ولها سابق أعمال في توافق أطراف الإدارة اللبنانية في مؤتمر الدوحة، وهي كذلك تنسق مواقفها مع باقي الدول الخليجية.
بطريرك الموارنة في لبنان: لا مناص من تدويل القضية اللبنانية بعد فشل الحلول الداخلية
ويرى إمكانية نجاح الوساطة القطرية في المسألة اللبنانية بجانب الوساطات السعودية والعربية والدولية، باعتبار أن الدوحة مقبولة من كل المكونات السياسية في لبنان سواء السنية أو الشيعية أو المسيحية، أو غيرها من المكونات التي تشكل التركيبة السياسية في بيروت.
ولفت إلى أن قطر ودول الخليج العربية يهمها استقرار دولة لبنان، وخروجها من أزمتها السياسية والاقتصادية الطاحنة التي ترزح فيها الآن، معتبرًا أن قطر مؤهلة للقيام بهذا الدور بقوة.
مساعدة سعودية
بدوره اعتبر الدكتور فواز كاسب العنزي، المحلل السياسي والاستراتيجي السعودي، أن هناك توجهًا لبنانيًا ناحية الدول الخليجية، لا سيما مع تواجد نجيب ميقاتي في السعودية وجوزيف عون في قطر من أجل النظر في الخطط الاستراتيجية والعمل الدبلوماسي والسياسي لتقريب وجهات النظر، ومساعدة لبنان في الخروج من أزماته السياسية والاقتصادية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، يأتي هذا السلوك السياسي للتحرك من أجل إنقاذ لبنان من أزمة أدت إلى تدهور كامل الخدمات بما في ذلك التعليمية والصحية، مع عجز حكومي كامل عن تأمين الحاجيات الأساسية للمواطنين، أو وضع حلول جذرية للأزمة الراهنة.
وتابع: "أزمة المملكة مع لبنان الآن هو محاولة احتواء حزب الله في سيطرته على المشهد السياسي هناك، في ظل التعاون الوثيق بينه وبين إيران، ما يمثل تهديدًا للأمن القومي العربي والخليجي، وهو ما جعل لبنان بعيدًا عن المجتمع العربي".
ويرى أن السعودية كقائدة للعالم الإسلامي، يهمها استقرار المنطقة العربية، والتي تعتبر مكانًا ملتهبًا ومتأزمًا الآن، في ظل انتشار الحروب في سوريا واليمن والعراق، واضطرابات في دول أخرى، مؤكدًا أن الزيارة تأتي من أجل دعم المسار السياسي وتعزيز الجانب الاقتصادي وإعادة المنح والمساعدات لإنقاذ بيروت.
اتفاق ناقص
في السياق، اعتبر سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، أن هناك تواصلًا بين المرشحين لرئاسة لبنان مع الدول العربية والإقليمية الفاعلة في هذا الملف، سواء السعودية وقطر، فيما يتواصل البعض الآخر ومنهم فرنجيه مع الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وغيرها من الدول، من أجل إيجاد حل وخلاص للدولة من أزماتها وانتخاب الرئيس.
رئيس البرلمان اللبناني يجدد دعوته للحوار لإنجاز الاستحقاق الرئاسي
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، هذه الاتصالات موجودة بالفعل لكنها غير حاسمة لجهة تكوين تصور مشترك حول انتخاب الرئيس في لبنان، فهناك حاجة الآن ليس لانتخاب الرئيس وحسب بينما إيجاد حل إنقاذي لبلد ينهار على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ولا يوجد إلى الآن سقف إقليمي ودولي للتفاهم حول الشخصية الأفضل لقيادة البلاد.
واعتبر أن فرص قائد الجيش جوزيف عون عالية جدًا، لكن هناك حظوظ كبيرة لسليمان فرنجيه، وربما شخصيات أخرى مستقلة، وكل مرشح منهم يسعى لتجميع أوراقه التي تناسبه وتتوافق مع مصالحه، لكن في النهاية لا يوجد بحسب المعلومات المتاحة تصور كامل وشامل بين القوى الإقليمية والدول الفاعلة لاختيار ودعم شخصية بعينها لترأس لبنان.
ولفت إلى أن المنافسة محتدمة الآن وشديدة بين عون وفرنجيه، وفي النهاية الأمور غير محسومة، وإمكانية التوافق حول شخصية ثالثة بعيدة عن الاسمين المطروحين للخروج من المأزق لا تزال ممكنة، ومتروكة للظروف والتفاوض بين الدول الإقليمية والدولية، مشيرًا إلى أن الأمور لم تنضج بعد لتوافق دولي، والمطلوب أن يعي اللبنانيون بشكل أساسي الوضع حتى لا يدخلوا في مراهنات انتحارية تؤدي إلى مزيد من الخراب، وهناك حاجة ماسة لحوار داخلي من أجل تكوين تصور مشترك لعملية الإنقاذ.
وفشل البرلمان اللبناني للمرة التاسعة، الخميس الماضي، في انتخاب رئيس جديد للبلاد بعد أن فقدت الجلسة النصاب في جولة الاقتراع الثانية.
وصوّت في الجولة الأولى 105 نواب، وجاءت نتيجة الاقتراع بحصول المرشح ميشال معوض على 39 صوتا، بحسب مراسل وكالة "سبوتنيك".
وصوّت 39 نائبا بورقة بيضاء، و9 أصوات للبنان الجديد، 5 أصوات لعصام خليفة، 9 أوراق لأسماء مختلفة، و4 أوراق ملغاة.
مناقشة