هل تخفي زيارة وزيري الخارجية والداخلية الإيطاليين إلى تونس اتفاقيات هجرة جديدة؟

"موسم صيد التونسيين"... هكذا أصبح يطلق على هذه العملية، يتواصل التنسيق بين السلطات التونسية والسلطات الإيطالية لترحيل المهاجرين وتكثيف الحملات من أجل إيقاف التونسيين في إيطاليا ودول أوروبية أخرى.
Sputnik
تدوينة نشرها الناشط السياسي والمدني القاطن في إيطاليا والنائب السابق عن دائرة إيطاليا مجدي الكرباعي، ينوه فيها إلى وجود عمليات ترحيل قسري مكثفة ضد المهاجرين التونسيين غير النظاميين الموجودين على الأراضي الإيطالية.
"صيد للتونسيين قصد ترحيلهم"
ويؤكد الكرباعي في تصريح لـ "سبوتنيك"، أن إيطاليا بدأت بالفعل في تنفيذ عمليات ترحيل واسعة للتونسيين وغير التونسيين الموجودين على أراضيها بطرق غير نظامية بما فيهم أولئك الذين ينتظرون تسوية وضعياتهم، مشيرا إلى أن السلطات هناك تطلق على هذه العملية "موسم صيد التوانسة".
إيطاليا تعرض على تونس بذل مزيد من الجهود لمنع الهجرة مقابل استقبال عدد أكبر من مواطنيها
وقال الكرباعي "تجري السلطات الإيطالية هنا عمليات مراقبة مكثفة وملاحقات للمهاجرين التونسيين"، مؤكدا أن هذه الملاحقات تسببت في وفاة مهاجر تونسي شاب لا يتجاوز عمره 23 سنة، لقي حتفه غرقا في وادي بمدينة بادوفا بعد أن كان فارا من ملاحقة الشرطة الإيطالية التي كانت تسعى لترحيله بطريقة قسرية.
وأضاف "قصة المشجع الرياضي عمر العبيدي الذي مات غرقا جراء ملاحقة أمنية في تونس تتكرر اليوم مع هذا المهاجر التونسي الشاب في إيطاليا"، مشيرا إلى أن السلطات التونسية تتعامل مع عمليات الترحيل بصمت، مضيفا أن تونس وافقت على الترحيل القسري، والدليل أنها فتحت مطار طبرقة (شمال غرب تونس) خصيصا لتنفيذ عمليات الترحيل.
وقال الكرباعي إنه حذر من وجود اتفاقيات سرية بين تونس وإيطاليا، نفتها الخارجية التونسية قبل أن يأتي التأكيد من وكالة الأنباء الإيطالية نوفا التي كشفت مؤخرا عن بنود هذه الاتفاقية.
وأضاف "تقضي هذه الاتفاقية بترحيل 80 مهاجرا أسبوعيا بمعدل رحلتين في الأسبوع يومي الثلاثاء والخميس"، مشيرا إلى أن الدولة التونسية لن تفتح مطارها خصيصا لطائرات أجنبية من أجل جلب تونسيين مرحّلين دون أن يكون الأمر مضمنا في اتفاقية.
ومنذ بداية السنة، وصل أكثر من 32 ألف مهاجر غير نظامي إلى الحدود الإيطالية، بينهم 18 ألف تونسي، بحسب بيانات وزارة الداخلية الايطالية.
زيارة الوزيريْن الإيطاليين تصعّد المخاوف
ويتشارك الكرباعي مع العديد من المنظمات التي تعنى بملف الهجرة المخاوف من اعتماد "اتفاقيات هجرة ظالمة" بين السلطات التونسية والإيطالية، خاصة بعد زيارة وزيريْ الخارجية والداخلية الإيطالييْن إلى تونس.
التونسيون يتصدرون قائمة الهجرة غير الشرعية إلى إيطاليا
والأربعاء، أجرى وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاياني ووزير الداخلية ماتيو بيانتيدوسي محادثات مع مسؤولين تونسيين بارزين، من بينهم رئيس الجمهورية قيس سعيّد ووزير الداخلية توفيق شرف الدين ووزير الخارجية عثمان الجرندي، في خضم زيارة يؤديانها إلى تونس.
وقال تاياني إثر اجتماع مع الرئيس قيس سعيّد إن بلاده تسعى لحل أزمة الهجرة بشكل جذري، مشيرا إلى أن إيطاليا مستعدة للترفيع في عدد المهاجرين بطريقة قانونية إلى أراضيها وفتح أبواب العمل لهم في مجالات الزراعة والصناعة، ولكن شريطة التقليص من عدد المهاجرين غير النظاميين.
بدوره، اعتبر وزير الداخلية الإيطالي أن مشكلة الهجرة غير النظامية لا تخص إيطاليا فقط، بل إن تونس هي ضحية لهذه الظاهرة ، مشيرا إلى أن نصف عدد الأشخاص الذين قدموا إلى إيطاليا من تونس هم من أفريقيا جنوب الصحراء الذين دعاهم إلى أن يحلموا في بلادهم.
ويؤكد الكرباعي أن كل المسؤولين الإيطاليين وعدوا بمكافحة الهجرة غير النظامية والتشجيع على الهجرة القانونية ولكن الوقائع تكشف عكس ذلك.
وأوضح "يكفي النظر إلى أرقام التدفقات السنوية للمهاجرين التونسيين الذين يدخلون إيطاليا في إطار العمالة المنظمة.. عددهم لا يتجاوز بضع مئات، في حين أن العدد المسموح به يتخطى 4 آلاف سنويا"، مؤكدا أن آلاف مطالب التسوية التي قدمها المهاجرون التونسيون بقيت عالقة إلى اليوم ولم يقع النظر فيها.
ويرى الكرباعي أن الاستراتيجية الجديدة التي تحدث عنها المسؤولون الإيطاليون ستكون أمنية بحتة وتقوم أساسا على منع المهاجرين من القدوم إلى إيطاليا.
20% من التونسيين يفكرون في الهجرة ومخاوف من "نزيف الكفاءات"
وتابع "لا يجب أن ننسى أن وزير الخارجية هو نائب رئيسة الحكومة جورجا ملوني التي أعلنت بوضوح أن برنامجها الانتخابي يرتكز على جعل دول شمال افريقيا ومن بينها تونس نقاطا ساخنة لتجميع المهاجرين".
وقال الكرباعي إن إيطاليا تستغل الظرف الاقتصادي والسياسي الصعب الذي تمر به تونس لإجبارها على القبول بإملاءاتها مقابل التوسط لها مع المانحين الدوليين.
ترحيل بمقابل
ويرى رئيس جمعية الأرض للجميع التي تعنى بشؤون اللاجئين، عماد السلطاني، أن زيارة وزيري الخارجية والداخلية الإيطاليين إلى تونس تندرج ضمن خطة الضغط على السلطات التونسية لتشديد المراقبة على البحر المتوسط.
وقال السلطاني في تصريح لـ "سبوتنيك"، إن إيطاليا خططت لجعل تونس الحارس الأمين لحدودها البحرية وحدود الاتحاد الأوروبي، مضيفا "هدف إيطاليا المقبل هو أن تتجند تونس لمنع كل السفن المتجهة إليها والمحملة بالمهاجرين وتحويل وجهتها إلى تونس".
ويتوقع السلطاني أن يعقب هذه الزيارة توقيع على اتفاق جديد بين السلطات التونسية والإيطالية في اتجاه مزيد ترحيل المهاجرين من الاتحاد الأوروبي، مشددا على أن عمليات الترحيل القسري مخالفة لكل المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
وقال السلطاني "ما نلاحظه أن تونس في عهدة الرئيس قيس سعيد أصبحت منصاعة أكثر لإملاءات إيطاليا وأوروبا وتنفيذ بنود الاتفاقية غير المعلنة التي وقع إمضائها في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020".
وأكد الحقوقي أن الاتفاقية المذكورة تنص على قبول تونس بالترحيل القسري للمهاجرين مقابل الحصول على اعتمادات مالية بقيمة 8 مليون يورو وقع الترفيع فيها لاحقا إلى 30 مليون يورو، مشيرا إلى أن المهاجرين تحولوا إلى بضاعة.
منظمة حقوقية ترصد هجرة أكثر من 2500 قاصر تونسي إلى السواحل الإيطالية في أقل من 9 أشهر
وأكد السلطاني أن جمعية الأرض للجميع راسلت رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة لطلب النفاذ إلى المعلومات المتعلقة بالاتفاقيات الموقعة بين تونس وإيطاليا، ولكنها جوبهت بالرفض.
وقال السلطاني "يتعرض المهاجرون إلى خيانة جديدة، ولكن هذه المرة ليس من إيطاليا بل من دولتهم التي سكتت عن هذه المظالم وعن تحول البحر الأبيض المتوسط إلى مقبرة للمهاجرين".
وأكد المتحدث أن المنظمات الحقوقية راسلت أمس وزارة الخارجية التونسية ورئاسة الجمهورية لمطالبتهما بتوضيح فحوى زيارة الوزيرين الإيطاليين وما وقع الاتفاق عليه، مشيرا إلى أن المجتمع المدني والحقوقي سيواصل تحركاته من أجل فرض احترام المواثيق الدولية وضمان حقوق المهاجرين.
مناقشة