استثماراتهم متوقفة على تنفيذ الوعود... شروط دول الخليج للعمل في مصر

لا تزال دول الخليج تنتظر استقرارا في العملة المصرية أمام الدولار الأمريكي، حتى تستطيع أن تقرر بدء استثماراتها في الاقتصاد المصري، بعد وصول سعر الدولار إلى أكثر قليلا من 30 جنيها مصريا حاليا بعد التخفيض الأخير في يناير الماضي.
Sputnik
وأيضا تحتاج دول الخليج إلى مزيد من اليقين بشأن العملة المصرية وإثبات أن القاهرة تجري إصلاحات اقتصادية عميقة قبل إطلاق مليارات الدولارات من الاستثمارات الخليجية في السوق المصري، هذا حسب تقرير جديد نشرته شبكة "بلومبرغ" الأمريكية.
وتقول الشبكة الأمريكية أن الحلفاء في الخليج وضعوا استثماراتهم في مصر، رهن عمل القاهرة على تنفيذ وعود إصلاحات اقتصادية كانت قدمتها إلى صندوق النقد الدولي.
أشخاص مطلعون على الأمر، قالوا للشبكة إن دول الخليج تريد أن ترى جدية القاهرة بشأن الإصلاحات التي وعدت بها صندوق النقد الدولي لكي تحصل منه على التمويل الأخير البالغ قدره 3 مليارات دولار، ولعل أهم ما جاء في هذه الخطة هو أن تقل مشاركة الدولة المصرية وبالتالي المؤسسة العسكرية في الاقتصاد، مما يزيد من الشفافية حول خروج ودخول الأموال إلى السوق وكذلك المنافسة.
أول تعليق لمسؤول إماراتي... ماذا وراء الخلاف الإعلامي بين مصر والسعودية وما علاقة المساعدات؟
وقد مر الجنيه المصري منذ عام 2016 بعدة تخفيضات أوصلته إلى سعره الحالي أمام الدولار، ويتوقع بنك سوسيتيه جنرال أن يتم تخفيضه مرة أخرى قريبا، وذلك رغبة من القاهرة في دخول استثمارات أخرى تسد فجوتها الدولارية البالغة 17 مليار دولار خلال السنوات المقبلة.
وتبلغ تكلفة الاقتصاد المصري 400 مليار دولار، وقد تعرض لضغوطات كبيرة خصوصا مع الأزمة الأوكرانية، حيث إن القاهرة أحد أكبر مستوردي القمح في العالم، ومع بداية الأزمة زادات الأسعار في البلد الذي يزيد عدد سكانه عن 100 مليون نسمة، لذا وحسب صندوق النقد الدولي الشهر الماضي فإن تأمين التمويل الخليجي يُنظر إليه على أنه "حاسم" بالنسبة لمصر لسد فجوتها الدولارية.
يأتي هذا في ظل الأخبار الأخيرة من القاهرة والرياض، حيث توقفت المحادثات بين العاصمتين حول شراء السعودية لبنك المصرف المتحد، لخلافات في تقييم الصفقة ناتجة عن التقلبات الشديدة في سعر الصرف، وهو ما يعني صعوبة تقييم الأصول طبقا لسعر معين، وحسب "بلومبرغ" قد يؤدي هذا إلى طول أمد الصفقة، مما يعني زيادة الضغط على الجنيه المصري وبالتالي الديون.
السعودية هي الدولة التي خصصت مليارات من أجل الاستثمار في مصر، وتحديدا في سلسلة شركات مملوكة للدولة، وطرحتها القاهرة للبيع بالفعل، لكن هذا مؤجل حاليا، ولم يتم منه سوى قيام صندوق الثروة السيادية السعودي بشراء حصصا مملوكة للدولة في أربع شركات مصرية مدرجة في البورصة مقابل 1.3 مليار دولار.
وزير مصري: دول الخليج لا تستطيع الاستغناء عن العمال المصريين
لكن مؤخرا كان وزير المالية السعودي محمد الجدعان تحدث عن نظر بلاده مرة أخرى في الاستثمار في مصر أو المساعدات المقدمة إليها، وأن هذا سيكون مربوطا بشروط أخرى متعلقة بإصلاحات معينة في الاقتصاد.
وفي العام الماضي، طلبت مصر مساعدة عاجلة، مما أدى بدول الخليج السعودية وقطر والإمارات إلى وضع 13 مليار دولار في البنك المركزي المصري، في حين يطالب المصريون باستثمار أجنبي مباشر بدلا من المساعدات، وبناء عليه عرضت الحكومة أسهما في 32 كيانا يتبعها للاستثمار فيها، كان من بينها بنوك شهيرة مثل القاهرة والمصرف المتحد.
وبناء عليه استثمر صندوق أبو ظبي للثروة ADQ بشراء حوالي 18٪ من أكبر بنوك مصر المدرجة وقتها وهو البنك التجاري الدولي، وكانت قطر أيضا قد بدأت محادثات العام الماضي للاستثمار بمبلغ قدر 2.5مليار دولار في حصص مملوكة للدولة بشركات مثل فودافون مصر، أكبر مشغل لشبكات المحمول في البلاد، لكن مسألة تخفيض الجنيه جعلت من الصعب أيضا تقييم الأصول.
وسائط متعددة
حجم استثمارات الدول العربية في مصر
من ناحية أخرى وإن كانت دول الخليج جادة في ضخ استثمارات في القاهرة، لكنها تريد أيضا تعميق مشاركتها في القطاع الخاص، الذي اشتكى من أنه يواجه منافسة غير عادلة من مؤسسات الدولة خصوصا الشركات التابعة للمؤسسة العسكرية.
وهو ما جعل الدولة المصرية نفسها تبدأ في إعادة النظر في مشاركتها الاقتصادية في السوق، حين اقترح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2019 بيع بعض الشركات التي تحتفظ بها المؤسسة العسكرية، والتي تتراوح مصالحها التجارية من مواد البناء إلى المواد الغذائية والتعدين والبتروكيماويات، وهو الحديث الذي دعمه صندوق النقد الدولي وقتها، وهي العملية التي ترى "بلومبرغ" أنها قد تواجه بمن لهم مصالح في بقاء الوضع على ما هو الآن.
وقام مسؤولون في صندوق الثروة السيادية المصري بجولة ترويجية في الخليج هذا الشهر، وناقشوا فرص الاستثمار المحتملة مع بعض الدول بما في ذلك الكويت وسلطنة عمان، في حين يرى مراقبون أنه على مصر أن تشرح لمواطنيها فوائد الاستثمار الأجنبي في تحسين الربحية وفتح أسواق تصدير جديدة، مما يساعد في تهدئة أي قلق محلي بشأن بيع أصول الدولة.
مناقشة