ميناء الحديدة يبدأ استقبال السفن القادمة.. لماذا توقفت من قبل وما مدى تأثيرها على مستقبل اليمن؟

أعلنت جماعة "أنصار الله"، مساء أمس السبت، حدوث انفراجة في اليمن بدخول مختلف أنواع السفن التجارية إلى موانئ محافظة الحديدة في البلاد.
Sputnik
وتعد تلك الانفراجة هي الأولى من نوعها منذ بدء الحرب في اليمن في الخامس والعشرين من مارس/آذار 2015، حينما استجاب التحالف العربي المكوّن من عدة دول عربية ويعرف باسم "التحالف العربي في اليمن بقيادة السعودية"، لطلب الرئيس اليمني الأسبق، عبد ربه منصور هادي، بسبب هجوم جماعة "أنصار الله" على العاصمة المؤقتة، عدن.
"أنصار الله" تعلن حدوث انفراجة في وصول السفن إلى الحديدة غربي اليمن وترقب وصول 18 سفينة
وفي 25 مارس 2015، وتحت مسمى (عملية عاصفة الحزم)، بدأ تنفيذ الضربات الجوية على الجماعة اليمنية "أنصار الله" والقوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، الذي أطيح به في العام 2011 من خلال الثورة اليمنية، والذي تحالف لاحقا مع "أنصار الله".
استئناف الهدنة
منذ هذا التاريخ، توقفت حركة السفن في اليمن، حيث كانت "أنصار الله" تعلن بشكل متكرر احتجاز سفن وتأخير أخرى للموانئ اليمنية، ما تسبّب في حدوث أزمات بالوقود وبعض السلع الواردة إلى الشعب اليمني، وذلك كله وسط مساع إقليمية ودولية لاستئناف الهدنة بين الفرقاء اليمنيين في الداخل، والتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار بينهما.
بيد أن الجماعة قد أعلنت، أمس السبت، وللمرة الأولى منذ بدء الحرب في العام 2015، حدوث انفراجة بدخول مختلف أنواع السفن التجارية إلى موانئ محافظة الحديدة اليمنية، والذي يعد البوابة الرئيسية لتدفق الشحنات الغذائية والمساعدات الإنسانية وسفن الوقود إلى البلاد، وهو الميناء الأساس الذي تعرض للإغلاق لسنوات.
وأعلنت تلك الانفراجة في تصريحات صحفية في مدينة الحديدة، لوزير النقل في حكومة "أنصار الله" اليمنية، عبد الوهاب يحيى الدرة، مؤكدا خلالها أن "السفن القادمة بدأت تتجه مباشرة من ميناء جيبوتي إلى ميناء الحديدة بعد التفتيش مباشرة من دون أي تأخير"، مضيفا أنه من بين تلك السفن، نحو 18 سفينة تتجه إلى موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى مباشرة.
دخول حيز التفريغ
وأشار عبد الوهاب الدرة إلى أن "موانئ الحديدة، والصليف، ورأس عيسى (في محافظة الحديدة) باتت تستقبل كافة أنواع السفن المحملة بالمواد الغذائية والمشتقات النفطية والحاويات، والأرصفة مليئة بالسفن التي يتم تفريغ حمولاتها والعديد منها تنتظر في الغاطس لتدخل حيز التفريغ".
"أنصار الله": 30 قتيلا وجريحا نصفهم من الأطفال خلال يناير بسبب مخلفات العدوان
ولفت المسؤول في حكومة "أنصار الله" إلى أنه ستوالى يوميا دخول السفن إلى ميناء الحديدة اليمني، بما فيها سفن تصل لأول مرة إلى البلاد وهي محملة بالزيوت وغيرها، بما يكفي احتياج الشعب اليمني بنحو 70% وذلك من خلال ميناء الحديدة".
ويفترض أن السفن القادمة إلى اليمن الاتجاه مباشرة من ميناء جيبوتي إلى ميناء الحديدة، المطل على البحر الأحمر غربي اليمن، وذلك بعد إجراء عمليات التفتيش مباشرة، دون أي تأخير، حيث أفاد الوزير عبد الوهاب الدرة، أن "تلك الانفراجة تأتي بالتزامن مع وصول عدة سفن تحمل مواد غذاء وبناء ومشتقات نفطية، ومنها سفينة تحوي 724 حاوية بضائع".
إعادة فتح ميناء الحديدة
وأشار وزير النقل في حكومة صنعاء اليمنية إلى أن "الأرصفة مليئة بالسفن التي يجري تفريغ حمولاتها، والعديد منها ينتظر في الغاطس، ليدخل حيز التفريغ"، مشددا على حرص مؤسسة ميناء الحديدة على تقديم التسهيلات الخاصة بالنشاط الملاحي البحري، واستقبال السفن وسرعة إنجاز الإجراءات اللازمة".
ومن جهته، أكد القبطان محمد إسحاق، رئيس مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية، حرص بلاده على تفعيل عمل إدارة الميناء واستنفار طواقم العمل في التهيئة لاستقبال السفن وتفريغها، مشددا على أن إعادة فتح ميناء الحديدة مرة أخرة يعد حقا مشروعا للشعب اليمني، بكونه قد انتظر هذه الخطوة لأعوام طويلة، وتحديدا منذ العام 2015.
وكانت مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية قد حذرت، مرارا، من توقف نشاط ميناء الحديدة في البلاد، خاصة في استمرار منع التحالف العربي استيراد قطع غيار المعدات والآليات التشغيلية للميناء اليمني، كونه الشريان الحيوي والرئيسي لليمن، خاصة وأنه يدخل عبر ميناء الحديدة يدخل أي مساعدات إنسانية أو سلع تجارية أساسية للشعب اليمني.
اليمن... وزير في "حكومة صنعاء" يؤكد توافقا في محادثات مع السعودية بواسطة عُمانية
ويذكر أن حكومة صنعاء قدرت، من قبل، حجم خسائر مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية، والناجمة عن اعتداءات التحالف العربي خلال 8 أعوام الماضية، بمليارين و746 مليون دولار، خاصة وأن ميناء الحديدة قد منذ بدء الحرب في اليمن إلى غارات جوية متكررة، كان أعنفها وأقساها ما وقع في 17 آب/أغسطس 2015، وهي الغارات التي أدت إلى تدمير عدد من الأرصفة والرافعات.
تقارب في وجهات النظر
ويشار إلى أن وفد عماني قد زار العاصمة اليمنية صنعاء، الشهر الماضي، وأحدث تقاربا لافتا في وجهات النظر بين "أنصار الله" و"التحالف العربي" بقيادة السعودية، وذلك ضمن مساعي حل الصراع الدائر في اليمن منذ العام 2015.
وتلعب عمان دور وساطة بين السعودية التي تقود التحالف العربي، وجماعة "أنصار الله"، سعياً للتوصل إلى اتفاق لتجديد هدنة الأمم المتحدة التي استمرت في اليمن 6 أشهر منذ مطلع نيسان/ أبريل الماضي، بما يمهد لحل سياسي للصراع الذي يمزق اليمن وتسبب وفق الأمم المتحدة في أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وفي الـ 11 من كانون الثاني/ يناير الماضي، أفاد مصدر مقرب من "أنصار الله" لوكالة "سبوتنيك"، بـ "تمكن الوساطة العمانية من حلحلة نقاط خلافية في الملف الإنساني، ظلت عائقاً أمام تحقيق أي تقدم بما فيها تمديد هدنة الأمم المتحدة".
ومطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعرب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، عن أسفه لعدم توصل الحكومة اليمنية وجماعة "أنصار الله" إلى اتفاق لتمديد وتوسيع هدنة الأمم المتحدة، مؤكداً استمرار جهوده لتحقيق ذلك.
محادثات عمانية أمريكية للبحث عن حل سياسي في اليمن
وأعلنت "أنصار الله"، مطلع أكتوبر الماضي، وصول مفاوضات تمديد الهدنة إلى طريق مسدود، في ظل اشتراط الجماعة دفع الحكومة رواتب الموظفين العموميين من عائدات النفط والغاز المنتج من المحافظات التي تسيطر عليها القوات الحكومية.
مفاوضات عُمانية
وأوضح المصدر أن المفاوضات التي قادتها سلطنة عمان وتسارعت وتيرتها الأسابيع الماضية، توصلت لإيقاف هجمات "أنصار الله" على الموانئ النفطية واستئناف الحكومة اليمنية تصدير شحنات الخام المتوقفة منذ أكتوبر الماضي، على أن يتم توجيه عائداتها لدفع رواتب الموظفين الحكوميين وفق قوائم عام 2014.
وأضاف المصدر أن المباحثات ركزت أيضاً على القيود التي يفرضها التحالف العربي على موانئ الحديدة ومطار صنعاء الدولي، إذ يشترط "أنصار الله" رفعها بالكامل، وهو ما تتحفظ عليه السعودية، موضحا أن الوفد العُماني ناقش مع قيادات "أنصار الله" مقترحات رفع القيود عن موانئ الحديدة وفتح الرحلات الجوية عبر مطار صنعاء الدولي.
خطوة إعادة تشغيل ميناء الحديدة واستقباله للسفن للمرة الأولى منذ العام 2015، تشير إلى توجه "التحالف العربي" بقيادة المملكة العربية السعودية، القاضي برفع الحظر المفروض عن الميناء اليمني منذ 8 سنوات، ويبدو أنه من ثمار المفاوضات التي ترعاها في الوقت الراهن، سلطنة عمان.
بوابة رئيسية للبلاد
ومن المعروف أن ميناء الحديدة اليمني، المطل على البحر الأحمر، غربي البلاد، يعد البوابة الرئيسية لتدفق الشحنات الغذائية والمساعدات الإنسانية وسفن الوقود إلى البلاد، وقد تعرّض للإغلاق لسنوات طويلة، حيث يحتوي ميناء الحديدة على 8 أرصفة بمساحة برية داخلية تبلغ نحو 3 ملايين متر مربع.
تشمل السعودية وعمان والإمارات... المبعوث الأمريكي يبدأ جولة لدفع عملية سلام شاملة في اليمن
وتسيطر جماعة أنصار الله، منذ أيلول/سبتمبر 2014، على غالبية المحافظات في وسط وشمالي اليمن، بينها العاصمة صنعاء، فيما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية، في 26 آذار/مارس 2015، عمليات عسكرية دعماً للجيش اليمني لاستعادة تلك المناطق من قبضة الجماعة.
وأودت الحرب الدائرة في اليمن، بحياة الالآف، كما ألحقت بالاقتصاد اليمني خسائر تراكمية تقدر بـ 126 مليار دولار، في حين بات 80% من الشعب اليمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية، حسب الأمم المتحدة.
مناقشة