وقال لينارتشيتش خلال مؤتمره الصحفي عقد في مقر بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان إن "الزيارة هذه المرة هي دليل على تضامن الاتحاد الأوروبي مع لبنان، الذي يمر بوضع صعب للغاية في الوقت الحالي، بسبب الأزمة المالية والجمود السياسي، والأزمة السورية التي دفعت أيضا عددا كبيرا من اللاجئين السوريين إلى لبنان".
وأضاف "سنواصل كما فعلنا بالفعل لمدة 12 عاما، مساعدة ودعم كل من اللاجئين السوريين وكذلك اللبنانيين المعوزين".
ويرى مراقبون إن هذه المساعدات لن تشكل أي فارق في الأزمة المالية القائمة، في ظل شمولها للاجئين السوريين، كما أن عدد العائلات اللبنانية الواقعة تحت خط الفقر اتسعت بشكل كبير، ولا يوجد أي إحصائيات دقيقة وشفافة لحصرها، مؤكدين على ضرورة البحث عن حلول دائمة أفضل من مساعدات مالية مؤقتة.
غير مفيدة
اعتبر الدكتور عماد عكوش، الخبير الاقتصادي اللبناني، أن المساعدة التي تحدثت عنها مفوض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات أثناء زيارته للبنان تشمل كل المقيمين على الأرض اللبنانية وسيذهب معظمها للنازحين السوريين، وبالتالي لن تستفيد منها العائلات اللبنانية إلا بالشكل والصورة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، على العكس تمامًا، هذه المساعدات تؤذي المجتمع اللبناني لأنها تصب بصراحة في مصلحة إبقاء النازحين واللاجئين على الأراضي اللبنانية، والذين يكلفون الدولة اللبنانية والمجتمع المضيف أكثر من ملياري دولار سنويا على كل القطاعات والبنية التحتية ومنذ العام 2011.
وأوضح أن الكلفة لغاية اليوم أصبحت حوالي 24 مليار دولار، فيما يؤكد المفوض بأن حجم المساعدات المقدمة للنازحين في نفس الفترة من الاتحاد الأوروبي بلغت حوالي 860 مليون يورو، وبقراءة هذه الأرقام يتبين الفارق بين ما قدمه لبنان بالرغم من أزمته وصغر حجمه وما قدمه الاتحاد الأوروبي بما يملكه من إمكانات وناتج قومي.
وتابع: "هؤلاء يضحكون على لبنان وعلى اللبنانيين ويستهزؤون بهم بهكذا مساعدات، حيث يدعون أن بعض اللبنانيين سيستفيدون منها فيما الواقع مختلف تماما".
لجنة مطلوبة
بدوره اعتبر رياض عيسى، الناشط المدني اللبناني، أن المساعدات الأوروبية للعائلات الأكثر فقرا، تأتي في وقت أصبح فيه كل اللبنانيين تحت خط الفقر، ولا يوجد معايير واضحة لتوزيع هذه الأموال، حيث أن الكثير من الأسر تحصل بالفعل على بعض المساعدات من الوزارات المعنية والمنظمات الدولية، بيد أن هناك ضرورة لتوسيع قاعدة المستفيدين.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، لا يوجد في لبنان إحصائيات دقيقة وشفافة ولا معايير لاختيار الأسر والعائلات المتعففة، فيما فقد الشارع الثقة نهائيا بهذه الحكومة، ولا يمكن تقبل أي آليات تعتمدها لتوزيع هذه المساعدات، ومن المفترض أن تشكل لجنة تجمع ما بين قوى المجتمع المدني والحكومة لتحديد معايير اختيار الأسر الفقيرة.
وقال لينارتشيتش إن هذه المساعدات المالية، وإن ساهمت في حل الأزمة الاقتصادية لبعض الأسر الفقيرة لعدة أشهر، من الطبيعي أن تتجدد الأزمة طالما لم يكن هناك حلول جذرية، ووضع ضوابط حقيقية لوقف الهدر والفساد، وتحسين وضع الليرة اللبنانية، وهو ما يغيب في الوقت الراهن ما ينذر باستمرار الأزمة وتفاقمها.
ولفت إلى أن الشعب اللبناني لا يفضل هذه المنح والمساعدات بهذا الشكل التي تصورهم وكأنهم "شحاذين"، بينما من الأفضل أن تقدم هذه الدول مساعدات لتأمين فرص عمل واستثمارات، ليظل اللبنانيون منتجين ولا يتحولون إلى مجرد عاطلين يتلقون مساعدات، وهو أمر غير مقبول.
وقال إنه "من المحزن أن عدد اللبنانيين المعوزين ارتفع بشكل كبير بسبب التطورات الأخيرة، والتضخم الذي التهم القيمة الكاملة لرواتب القطاع العام، وهذا أمر يثير القلق".
وتابع: "أدى هذا أيضا إلى ازدياد الاحتياجات الإنسانية ولهذا السبب أتيت إلى لبنان، للإعلان عن رفع ميزانية المساعدات الإنسانية المقدمة للبنان، وحددت الميزانية لعام 2023 بـ 60 مليون يورو أي بزيادة 20% مقارنة مع العام الفائت".
وتأتي زيارة لينارتشيتش إلى لبنان "لتأكيد تضامن الاتحاد الأوروبي مع الفئات الأكثر ضعفا في البلاد و للإعراب عن استعداد الاتحاد الأوروبي للمساعدة في إرساء الاستقرار المستقبلي في لبنان".
وامتدت زيارة مفوض الاتحاد الأوروبي على مدى يومين، حيث اجتمع خلالها مع مسؤولين لبنانيين، من بينهم رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار، وممثلين عن منظمات دولية ومنظمات مجتمع مدني ومستفيدين من البرامج التي يمولها الاتحاد الأوروبي في مختلف مناطق لبنان.