ورقة فرنسية لوقف التصعيد بين لبنان وإسرائيل.. ما إمكانية نجاحها في منع توسع الحرب؟

في إطار المساعي الدولية لوقف التصعيد في الجنوب اللبناني مع إسرائيل، قدمت فرنسا مقترحا مكتوبا إلى بيروت للتسوية، تدعو خلالها "حزب الله" إلى الانسحاب لمسافة 10 كيلومترات من الحدود.
Sputnik
وتهدف الخطة المكونة من 3 خطوات إلى عملية تهدئة مدتها 10 أيام تنتهي بمفاوضات بشأن الحدود، إذ يوقف الجانبان العمليات العسكرية في الخطوة الأولى، وفي غضون 3 أيام، تقضي الخطوة الثانية بأن تسحب حزب الله مقاتليه على الأقل 10 كيلومترات شمالي الحدود، ويبدأ لبنان في نشر جنود في الجنوب، وتوقف إسرائيل التحليق فوق الأراضي اللبنانية.
وبحسب الحطوة الثالثة، يستأنف لبنان وإسرائيل المفاوضات حول ترسيم الحدود البرية "بطريقة تدريجية" وبدعم من قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل)، كما سيخوضان مفاوضات حول خارطة طريق لضمان إنشاء منطقة خالية من أي جماعات مسلحة غير تابعة للدولة بين الحدود ونهر الليطاني، وفقا لـ"سكاي نيوز".
وقال مراقبون إن الورقة منحازة لإسرائيل، إذ لم تتضمن انسحابها من الأراضي اللبنانية المحتلة، مؤكدين أنها ستواجه الكثير من الصعوبات، لكن لا يمكن الحكم على فشلها في الوقت الراهن.
الجيش الإسرائيلي يعلن قصف سيارة تقل عناصر من حزب الله في منطقة مارون الراس جنوبي لبنان
مسودة أولية
قال الكاتب والباحث السياسي اللبناني، سركيس أبو زيد، إن "فرنسا تقدمت بمشروع اتفاق لحل الأزمة بين إسرائيل و"حزب الله" على شكل مسودة، لا تأخذ الطابع الرسمي، حيث كانت غير موجهة ومجهولة الجهة، ما دفع الأطراف اللبنانية وإلى اعتبارها ورقة للبحث والتداول".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن "الرسالة الفرنسية لم تذكر بشكل واضح انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها، لذلك كان هناك تحفظ من بعض الأطراف اللبنانية بما في ذلك "حزب الله".
وأوضح أن "حزب الله" سبق وأن ذكر بأنه لن يدخل في أي اتفاق نهائي حول وقف إطلاق النار على الحدود الإسرائيلية قبل أن تتوقف المعارك في قطاع غزة".
ويرى أبو زيد أن "الورقة الفرنسية مسودة أولية، والنقاش لا يزال مستمر، وهناك أطراف عدة تسعى لتوضيح بعد الأمور، حيث طالب الطرف اللبناني بتوضيح نقاط تتعلق بإزالة المباني وإن كان المقصود منها العسكرية أم المدنية والاجتماعية أيضا، إضافة لنقاط أخرى غير واضحة".
وشدد على "ضرورة أن يكون هناك ارتباط بين الاتفاق وما يحصل في فلسطين، بحيث تتزامن الحلول، كما أن إسرائيل التي تطالب بانسحاب "حزب الله" والمقاومة لمسافة 10 كيلو مترات، يجب أن تعلم بأن لبنان يريد انسحابها من الأراضي المحتلة".
وأكد أن "بعض النقاط الأخرى تتطلب آلية لتصبح حاضرة للتنفيذ، فيما لا يزال السباق مستمرا بشأن توسيع الاشتباكات او التوصل لصيغة وتفاهم يفضي إلى حل سياسي، فيما تبقى كل الاحتمالات واردة، بما في ذلك الذهاب لحل عسكري، يعلم الجميع أن الحرب الشاملة ستكون مدمرة على جميع الأطراف التي ستشارك فيها".
استهداف مبنى في "كريات شمونة" الإسرائيلية بصاروخ موجه من لبنان
انحياز فرنسي
في السياق، اعتبر الناشط المدني اللبناني، أسامة وهبي، أن "الورقة الفرنسية وصلت إلى الأطراف اللبنانية، لكن "حزب الله" وضع 17 ملاحظة عليها، والرئيس بري اعتبرها ورقة إسرائيلية خالصة".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن "المقترح الفرنسي من المرجح أن يواجه صعوبات شتى من قبل الثنائي الشيعي، خاصة "حزب الله"، لأن المطلوب تفكيك المواقع العسكرية وإخلاء جنوب الليطاني من الوجود العسكري لـ"حزب الله"، وهي كلها أمور لا يمكن قبولها".
وقال إن "هناك صعوبات عديدة، لكن هذا لا يعني أن المفاوضات وقفت، حيث تسير على قدم وساق، وإن حصلت الهدنة في قطاع غزة سينعكس ذلك على لبنان حتما".

ويرى وهبي أن "المقترح الفرنسي منحاز جدا لمصلحة العدو الإسرائيلي، إذ لم يلتزم بالقرار 1701، وهذا هو بداية الحل للصراع الموجود بين لبنان وإسرائيل، إذ أن تطبيق القرار يتضمن على انسحاب "حزب الله" من جنوب الليطاني أو عدم تواجده بشكل علني، وانتشار الجيش اللبناني، وهو كاف بنسبة كبيرة، لكن إسرائيل تريد تفكيك البنى التحتية لحزب الله في الجنوب".

واعتبر أن "المفاوضات لن تكون سهلة، ولن تصل لنتائج ملموسة في القريب العاجل، لكنها جدية وهناك مساعي حثيثة للوصول إلى هدنة ووقف الاشتباك في الجنوب اللبناني، والاتفاق على قواعد اشتباك جديدة، بما في ذلك ربط الأوضاع الموجودة في قطاع غزة، خاصة أن حزب الله قال إن الحرب تتوقف في الجنوب عند توقفها في غزة".
وأشار إلى أن "هناك مفاوضات على كافة الجبهات، كما أن موضوع الملف السياسي ورئاسة الجمهورية مطروح في هذه المفاوضات، لأن التوصل لاتفاق قد ينعكس كذلك على الأزمة السياسية الموجودة في لبنان، وقد ينتج انتخاب الرئيس في حال تنازل "حزب الله" عن بعض شروطه".
وينفذ "حزب الله" عمليات من الأراضي اللبنانية تستهدف القوات الإسرائيلية، وذلك "دعما للشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسنادًا لمقاومته"، بحسب بيانات الحزب.
ويواصل الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حينما أعلنت حركة حماس التي تسيطر على القطاع بدء عملية "طوفان الأقصى".
وردت إسرائيل بإعلان الحرب رسميا على قطاع غزة، بدأتها بقصف مدمر ثم عمليات عسكرية برية داخل القطاع.
مناقشة