قرار مجلس الأمن بوقف الحرب... ما دلالاته وإمكانية تنفيذه من قبل إسرائيل؟

مع تبني مجلس الأمن الدولي لمشروع قرار وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة خلال شهر رمضان، يطرح البعض تساؤلات بشأن مدى إلزامية القرار بالنسبة لحكومة نتنياهو والتي أعلنت عدم امتثالها للقرار.
Sputnik
ويرى مراقبون أن القرار وإن كان مؤشرًا إيجابيًا، لا سيما مع امتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن تعطيله باستخدام الفيتو كما حدث في مشاريع قرار سابقة، إلا أنه يحتاج إلى ضغوط دولية كبيرة لدفع إسرائيل لتنفيذه واحترامه.
وقالت رئاسة الوزراء الإسرائيلية، مساء الإثنين الماضي، إن "الولايات المتحدة الأمريكية تراجعت عن سياسة المنهجية في مجلس الأمن منذ بداية الحرب على قطاع غزة".
وأكدت رئاسة الوزراء الإسرائيلية، في بيان لها، أن "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ألغى زيارة الوفد الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة بسبب تغيّر الموقف الأمريكي"، مضيفة أن "تغير الموقف الأمريكي يضر بجهود الحرب وجهود إطلاق سراح الرهائن.
أكاديمي لبناني لـ"سبوتنيك": حرب غزة غطاء للحصول على قناة "بن غوريون" وغاز القطاع
وتابع البيان أن " فشل أمريكا في استخدام حق النقض خلال تصويت مجلس الأمن تراجع صريح عن موقفها السابق".
من جهته أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت من واشنطن تعقيبا على القرار، أن إسرائيل لن توقف حربها في غزة طالما لم تفرج حماس عن الرهائن.
‏وقال وزير المالية الإسرائيلية بتسلئيل سموتريش ردا على قرار مجلس الأمن الداعي إلى وقف إطلاق نار في قطاع غزة. ‏ إن قرار الولايات المتحدة بعدم التصويت بالفيتو في مجلس الأمن يخدم حركة حماس ويمس بالجهود لإعادة المخطوفين والجهود من أجل استقرار المنطقة عبر القضاء على القوة المتطرفة ودعم القوى المعتدلة، وفقا لسكاي نيوز.

ضغوط مطلوبة

قال الدكتور تيسير نصر الله، عضو المجلس الثوري لحركة فتح، إن قرار مجلس الأمن الدولي بشأن وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، والذي جاء بموافقة 14 عضوا وامتناع أمريكا عن التصويت عد 170 يومًا من حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني على أيدي إسرائيل، مرحب به.
"أونروا": مقتل نحو 14 ألف طفل فلسطيني خلال الحرب في غزة حتى الآن
ودعا في حديثه لـ "سبوتنيك"، إلى ضرورة التنفيذ الفور له من قبل إسرائيل، وامتثال حكومة نتنياهو للإرادة الدولية وقرارات الشرعية الدولية بشكل فوري.
ويرى نصر الله أن مجلس الأمن الدولي في هذه القضية على المحك، فهل بإمكانه فرض إرادته على الحكومة الإسرائيلية، أم أنه سيقف عاجزًا كما فعل في عشرات القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية.

استثمار مطلوب

في السياق قال ثائر نوفل أبو عطيوي، المحلل السياسي الفلسطيني، إن قرار مجلس الأمن المتعلق بوقف الحرب على غزة مرحب به، لكن لا بد أن يصبحه آلية للتنفيذ حتى يجبر إسرائيل على الالتزام به، مؤكدًا أن القرار وحتى يصبح حقيقة على أرض الواقع يجب الاستجابة لرغبة الدول الأقوى عالميًا، والتي باستطاعتها أن تلزم إسرائيل بقرار وقف إطلاق النار.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، وفقا لميثاق الأمم المتحدة، تعتبر قرارات مجلس الأمن نافذة وملزمة للدول الأعضاء البالغ عددها 193 دولة، على الرغم من انتهاكات العديد من القرارات الصادرة عن مجلس الأمن وعدم تنفيذها، وخصوصا القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية وحل الصراع والوصول لحل الدولتين وفقا ما نصت عليه قرارات الأمم المتحدة.
ويرى أن قرارات عدة صدرت عن مجلس الأمن بحق إسرائيل لم يتم تنفيذها أو تطبيقها، حيث بات واضحًا أن إسرائيل لا تكترث أو تقيم وزنا لقرارات الأمم المتحدة، وهذا لا ينفي إيجابية تبني القرار بعد مضي 6 أشهر من الحرب على غزة، وسقوط الآلاف من الضحايا والجرحى والدمار العمراني الكبير، وتشريد ونزوج معظم سكان القطاع إلى مدينة رفح.
عبد اللهيان خلال لقائه مع هنية: قرار مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في غزة متأخر لكنه إيجابي
وأكد أن هناك إمكانية للبناء الإيجابي على القرار الصادر عن مجلس الأمن بوقف إطلاق النار على غزة على المستوى السياسي، وذلك في ظل ما يشاهده العالم من حجم المأساة والدمار والنكبة الجديدة لسكان قطاع غزة، والتي فاقت كل النكبات والصعاب والمعاناة منذ بداية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأوضح أن الترحيب الدولي بالقرار رغم امتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت، يفتح آفاق سياسية أكبر للتعاطف العالمي مع الشعب الفلسطيني، ويفتح تضامنا أوسع بالمستقبل القريب لإيجاد حلول سياسية جادة، من الممكن أن تفرض واقعا جديدا على دولة الاحتلال بضرورة فتح أفق سياسي عبر مفاوضات ومباحثات سلام حقيقة تؤدي لوصول الشعب الفلسطيني إلى دولته الحرة المستقلة.
وتابع: "يبقى الأمل السياسي بالتوصل لحلول تقود لفكرة حل الدولتين والسلام العادل والشامل واقعا يفتح نافذة شعاع الأمل لفرض الحل على المستوى القانوني، وإلزام إسرائيل بتطبيق كل القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ومجس الأمن بشكل حقيقي وفاعل.
وشدد على ضرورة استثمار مشروع القرار سياسيا على المستوى الفلسطيني والعربي، من أن تصل الرسالة السياسية للشعب الفلسطيني التي تحمل التضامن والمناصرة من كافة أرجاء العالم، من أجل أن يكون مستوى التطبيق القانوني للحل العادل والشامل يتميز بالواقعية والإنجاز.
روسيا ترسل شحنة جديدة من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة
وتبنى مجلس الأمن الدولي، الإثنين، قرارا بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، خلال شهر رمضان، مؤكدًا أن "الحاجة ملحة لزيادة المساعدات إلى غزة"، مطالبا بإزالة جميع العوائق أمام تسليمها.
ويطالب مشروع القرار، بإطلاق سراح جميع المحتجزين بغزة بشكل فوري وغير مشروط، ويطالب أيضا كل الأطراف بالالتزام بواجباتها تجاه القانون الدولي.
ولا تزال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة مستمرة، منذ السابع من تشرين الأول/ كتوبر 2023، حينما أعلنت حركة حماس، التي تسيطر على القطاع، بدء عملية "طوفان الأقصى"؛ وأطلقت آلاف الصواريخ من غزة على إسرائيل، واقتحمت قواتها بلدات إسرائيلية متاخمة للقطاع، ما تسبب بمقتل نحو 1200 إسرائيلي غالبيتهم من المستوطنين، علاوة على أسر نحو 250 آخرين.
وردت إسرائيل بإعلان الحرب رسميا على قطاع غزة، بدأتها بقصف مدمر ثم عمليات عسكرية برية داخل القطاع.
وتخللت المعارك هدنة دامت سبعة أيام، جرى التوصل إليها بوساطة مصرية قطرية أميركية، وتم خلالها تبادل أسرى من النساء والأطفال، وإدخال كميات من المساعدات إلى قطاع غزة.
وتجدد القتال بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة، منذ صباح يوم الجمعة الموافق الأول من كانون الأول/ ديسمبر 2023، بعد انتهاء الهدنة.
مناقشة