بعد الانتقادات الأوروبية والأمريكية.. هل تنجح التحركات الإسرائيلية في إفشال المحادثات النووية؟

في وقت لا تزال فيه فرص توقيع الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية تراوح مكانها بعد التصريحات غير الإيجابية الأخيرة، تقود إسرائيل حملة لحشد دعم دولي ضد طهران، وضد عودة واشنطن للاتفاقية.
Sputnik
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، أمس الاثنين، إنه قدم للمستشار الألماني أولاف شولتز معلومات حساسة عن إيران، معتبرا أنه حان الوقت للانسحاب من "المفاوضات الفاشلة" بين الغرب وطهران بشأن الاتفاق النووي.
إيران تعلن اعتقال عدد من الأشخاص على صلة بقضية اغتيال صياد خدائي
وفي تصريحات سابقة، اعتبر لابيد، أن حملة تل أبيب لإحباط عملية إحياء الاتفاق النووي الإيراني أظهرت بوادر نجاح أولية، مضيفًا: "لا يزال هناك طريق طويل للمضي فيه، لكن هناك علامات مشجعة".
وطرح البعض تساؤلات عن التحركات الإسرائيلية الأخيرة لحشد موقف دولي رافض للاتفاق النووي، ومدى تأثيره على المحادثات النووية، وإمكانية التوقيع قريبًا على الاتفاقية المشتركة.
تعطيل أمريكي
اعتبر محمد غروي، المحلل السياسي الإيراني، أن الاتفاق النووي مات كليًا بعد مرحلة الموت السريري، وأن السبب المباشر ليس في إسرائيل، وإنما في الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تملك أي اكتفاء من ناحية الصراع الداخلي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، إذ لم يتوصلا إلى حل ومرحلة إقناع للعودة إلى الاتفاق النووي.
وأضاف، في حديثه لـ"سبوتنيك": "لذلك نرى أمريكا تتحجج تارة بإسرائيل، وتارة أخرى بالمنظمة الدولية للطاقة الذرية، وهي كلها حجج واهية، فعندما تريد واشنطن تصبح أزمة منظمة الطاقة سهلة، وفي العكس تصعب الأمور"، معتبرًا أن الموضوع العالق لدى المنظمة هو موضوع BMD.
وتابع: "هذا الملف كانت المنظمة قد وافقت عليه قبل 2015، لكن عادت للتذرع به مرة أخرى والحديث أنه يسبب مخاوف لأمريكا وأوروبا، فالمشكلة الآن في الولايات المتحدة الأمريكية التي إذا أرادت التوافق على الملف النووي مع إيران، فلن نرى هذه التحركات الإسرائيلية، ولا تصريحات المنظمة الدولية للطاقة، فالمشكلة العالقة الآن لدى واشنطن أنفسهم".
ويرى أن هناك ضغوطًا إسرائيلية تمارس في الوقت الراهن، لكنها كانت موجودة عشية توقيع اتفاق عام 2015، ولم تشكل مانعًا أمام واشنطن في الذهاب للتوقيع على الاتفاق النووي، المشكلة الأكبر لدى أمريكا ويأتي بعدها إسرائيل ومنظمة الطاقة، وغيرها من الحجج الواهية التي نسمعها يوميًا.
استهلاك محلي
في السياق، اعتبر صادق الموسوي، المحلل السياسي الإيراني، أن العداء الإسرئيلي لإيران قديم، منذ انتصار الثورة في عام 1979م، وليس جديدًا وكل محاولاتها لحشد الأعداء ورص الصفوف من أجل التحرك ضد إيران التي تمارسها منذ القدم، باءت جميعها بالفشل، وإيران التي كانت تبتعد عنها آلاف الكيلومترات، باتت اليوم تحاصرها من شمال فلسطين وقطاع غزة والجولان، إضافة للعمليات العسكرية التي يقوم بها البعض في الضفة والقدس.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، لو كانت إسرائيل تستطيع أن توقف التمدد الإيراني، لما كانت الأوضاع على هذا الشكل الآن، وما يسمى بالحشد الدولي لا قيمة له، في ظل تودد الولايات المتحدة الأمريكية إلى إيران، حتى في عهد ترامب الذي كان يبدو الأكثر تشددًا وعداءً لإيران وخدمة لإسرائيل، كان يناشد الرئيس الفرنسي ورئيس وزراء اليابان من أجل فتح العلاقات بينه وبين طهران.
إيران تعلن أول رد فعل على "قوارب التجسس" وتكشف عن تهديدات لدول طبعت مع إسرائيل
وتابع: "هذا هو الواقع سواء كان ترامب أو بايدن أو الجمهوريون أو الديمقراطيون، معتدل أو متطرف، الكل يريد التودد لإيران، ولكن البعض يستخدم الأساليب الخشنة، والبعض الآخر يلجأ للأساليب الدبلوماسية، لكن في النهاية النتيجة واحدة".
ويرى الموسوي أنه لا مجال الآن للحشد الأجنبي ضد إيران، في وقت تبحث فيه أمريكا عن فرصة للعودة للاتفاق النووي، بحسب تصريحات كافة المسؤوليين الأمريكيين، والحشد الدولي من قبل إسرائيل مجرد حدث للاستهلاك المحلي، في ظل قرب الانتخابات البرلمانية.

واستطرد: "يريد رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي القول إنه يتحرك لمواجهة إيران، ولكن واشنطن اتخذت قرارها بالفعل، وهو واضح من تصريحات كافة المسؤولين بدءًا من بايدن وحتى ممثل واشنطن في مفاوضات الاتفاق النووي.

واعتبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن "الرد الأخير من إيران على اقتراح الاتحاد الأوروبي بشأن إحياء الاتفاق النووي، خطوة إلى الوراء، ويجعل احتمالات التوصل إلى اتفاق في المدى القريب غير مرجحة".
وقال بلينكن، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المكسيكي مارسيلو إبرارد، إن "إيران على ما يبدو إما غير راغبة أو غير قادرة على القيام بما هو ضروري للتوصل إلى اتفاق".
وأشار وزير الخارجية الأمريكي إلى أن "طهران تواصل محاولة إدخال قضايا غريبة في مسار المفاوضات، ما يجعل احتمالية التوصل لاتفاق غير مرجحة".
واعتبرت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، في بيان مشترك، أن مطالب إيران في ردها الأخير ضمن المحادثات الدولية المتعلقة بإعادة إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، تثير الشكوك حول نواياها للوصول لاتفاق بشأن برنامجها النووي.
إيران تعلن إخماد حريق نشب بأحد آبار حقل "شادكان" النفطي
من جهتها، انتقدت وزارة الخارجية الإيرانية، بيان الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، إن "هذا البيان يمثل عملا منحرفا وبعيدا عن النهج المثمر في المفاوضات"، وفقا لوكالة "تسنيم" الإيرانية.
وفي عام 2015، وقّعت إيران على خطة العمل الشاملة المشتركة أو الاتفاق النووي الإيراني، مع مجموعة دول "5 + 1" - أمريكا والصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا - بالإضافة إلى ألمانيا - والاتحاد الأوروبي.
وطالبت إيران بتقليص برنامجها النووي وتقليص احتياطياتها من اليورانيوم بشدة مقابل تخفيف العقوبات، بما في ذلك رفع حظر الأسلحة بعد خمس سنوات من اعتماد الاتفاق.
في عام 2018، في عهد الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، تخلت أمريكا عن موقفها التصالحي بشأن إيران، وانسحبت من خطة العمل الشاملة المشتركة، وطبقت سياسات متشددة ضد طهران، مما دفع إيران إلى التخلي إلى حد كبير عن التزاماتها بموجب الاتفاق.
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2021، اتفقت أطراف خطة العمل المشتركة الشاملة على مسودتين لصفقة جديدة، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي، ومنذ ذلك الحين، عقد الطرفان عدة جولات من المحادثات لإحياء الاتفاق.
مناقشة