صراع الوجود يشتد بين الحكومة الصومالية وحركة الشباب في حرب استنزاف طويلة.. فمن يحسمها؟

كثفت حركة الشباب الإرهابية الصومالية من هجماتها خلال الأسابيع الماضية ضد العديد من الأهداف الحكومية والمدنية في تحد واضح لإعلان مقديشو نيتها القضاء على الحركة واستعادة الاستقرار في البلاد.
Sputnik
هل تنجح الحكومة الصومالية في التخلص من حركة الشباب المرتبطة بالقاعدة (إرهابية محظورة في روسيا والعديد من الدول) التي تعد العقبة الكبرى بجانب العقبات السياسية والاقتصادية وإلى أي مدى يمكن أن تمتد تلك العملية..أم أن الحركة ستنجح في إضعاف الحكومة ومنعها من تنفيذ أي من خطط التنمية والإصلاح ما قد يثير غضب الداخل ويعيد مناخ الفوضى الذي تنشط فيه الحركة؟.
بداية يقول رئيس مركز مقديشو للدراسات بالصومال، عبد الرحمن إبراهيم عبدي، إن ما يجري في الصومال في الوقت الحالي من معارك وعمليات أمنية تأتي في إطار ما تعهد به الرئيس حسن شيخ محمود بعد انتخابه رئيسا للبلاد، مواجهة خطر حركة الشباب، كما أنها تأتي في إطار خطة حكومية لتحرير جميع المناطق التي تسيطر عليها الحركة، مؤكدا أن القوات الحكومة الصومالية تحقق انتصارات كبيرة ومكنت خلال الأيام الماضية من تحرير أجزاء واسعة في مناطق وسط وجنوب الصومال.
قوات الأمن الصومالية تقتل أكثر من 100 مقاتل تابع لـ"حركة الشباب"
الخطة الحكومية
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، الأوضاع في الوقت الحالي وعلى أرض الواقع تؤكد على أن خطة الحكومة قد نجحت وأنها استطاعت تقليص خطر حركة الشباب على العاصمة مقديشو وعلى المناطق الأخرى، وأن الهجمات الانتحارية التي كانت تشنها حركة الشباب على العاصمة مقديشو قد تقلصت بشكل كبير جدا.
وتابع رئيس مركز مقديشو، صحيح أنه يوجد بعض الهجمات هنا وهناك وفي بعض القرى والمناطق النائية، لكنها ليست بالحجم الذي كان في الماضي، وآخر هذه الهجمات وقعت في كيسمايو في قأصى جنوب الصومال، وتشير تلك العملية إلى ضعف حركة الشباب وعدم قدرتها على مواجهة قوات الجيش الصومالي والقوات الشعبية المدعومة.
الجيش الصومالي يسيطر على قرى جديدة بولاية شبيلي الوسطى ويعتقل العشرات من حركة الشباب
الرهان والتحدي
وأشار عبدي إلى أن حركة الشباب تراهن على بعض التحديات التي تواجه الحكومة الصومالية، والمتمثلة في طول المسافة بين العاصمة مقديشو والمناطق التي تدور فيها المعارك، بالإضافة إلى ضعف إمكانيات الحكومة، سواء في المجال العسكري أو الاقتصادي، لكن الحكومة الصومالية قد أعدت لذلك العدة ووضعت خطة محكمة لمواجهة حركة الشباب، والتي قد تستمر لمدد طويلة أو لأشهر عديدة، وعلى مراحل متعددة، لكن الهدف سيكون في النهاية تحرير جميع المناطق التي تسيطر عليها الحركة، وحشرها في الزاوية.
وأكد أن الحكومة الصومالية عازمة على مواجهة حركة الشباب وتقليص نفوذها وتجفيف منابع تمويلها، حيث قامت بحملة واسعة لتجفيف جميع مصادر التمويل الذي تحصل عليه.
ولفت عبدي إلى أن ما تقوم به حركة الشباب من عمليات متفرقة، ليست إلا محاولة يائسة لتفتيت عزيمة الحكومة وتشتيت جهودها، لكن في اعتقادي هذه المحاولة لن تؤتي أكلها وستبوء بالفشل.
9 قتلى و47 جريحا إثر هجوم على فندق جنوبي الصومال
أدوات الحسم
من جانبه، يرى المحلل السياسي الصومالي، عمر محمد، أن أدوات الحسم الحكومي في الحرب ضد حركة الشباب تتمثل في المعلومات الاستخباراتية الدقيقة، والعقيدة القتالية المخلصة للفكرة أو المبدأ، والقوة الاقتصادية، والإعلام المؤثر والموجه، إضافة إلى الدعم الشعبي للقضية وتعاطفه معها، والقوة العسكرية الميدانية.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، يبدو أن كل طرف يسعى إلى امتلاك هذه الأدوات حتى يحسم المعركة لصالحه، فبعد سنوات من الركود والجمود في العمليات العسكرية المنظمة التي تنفذها القوات الحكومية ضد الحركة، ها هي الحكومة الجديدة تحاول اليوم امتلاك زمام المبادرة والخروج من وضعية المدافع إلى وضعية المهاجم، مستغلة الانتفاضات الشعبية ضد "الشباب" في بعض المناطق الصومالية، ومن الدعم اللوجستي الذي تتلقاه من الدول الصديقة والشقيقة، مما شجعها على إعلان حرب شاملة عسكرية واقتصادية وفكرية على الشباب بهدف استئصالها.
وتابع المحلل السياسي،على الرغم مما حققته هذه الخطة الحربية من مكاسب عسكرية ميدانية، إلا أن الخروقات الأمنية الكبيرة تحدث بين الفينة والأخرى، ربما نتيجة لعدم فاعلية الجهاز الأمني واستعداده المتين لحالات الطوارئ، مما يسمح لـ "الشباب" بتنفيذ هجمات انتحارية، كان آخرها الانفجار الانتحاري الذي استهدف هذا الأسبوع فندق توكل بمدينة كيسمايو حاضرة ولاية جوبالاند جنوب الصومال.
وأردف محمد: "ليس معنى ذلك أن الجهاز الأمني لا يكترث بمجابهة مثل هذه المخططات، بل سبق أن نجح في إفشال تفجيرات انتحارية وهجمات مزدوجة، حيث خططت الحركة لاستهداف مراكز عسكرية في الجبهات القتالية الأمامية".
الرئيس الصومالي: تكاتف المواطنين يمكنهم من تحقيق إنجازات عظيمة
العقيدة القتالية
وأشار إلى أنه فيما يتعلق بالعقيدة القتالية، المخلصة للفكرة فلا تزال الحكومة الفيدرالية تسعى إلى إثبات خطأ المنهج القتالي لـ "ا"، وذلك عن طريق الاستعانة بالعلماء والمثقفين وأعيان المجتمع الذين يحاولون عبر الاجتماعات والندوات الثقافية والمنابر الإعلامية تبيين أخطاء الحركة، هذا فضلا عن حربها الإعلامية ضد هؤلاء المسلحين.
وفي هذا السياق، أوضح محمد أن الحكومة حجبت العديد من القنوات الإعلامية والمنصات الاجتماعية التابعة أو الموالية للحركة، فيما تحاول تجفيف الموارد الاقتصادية لها عن طريق السيطرة على بعض مكاتبها المالية القريبة من العاصمة مقديشو وتحريم وتجريم الإذعان للأوامر الصادرة من هذا المكتب، بالإضافة إلى ذلك العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على بعض قيادات الحركة ومموليها.
الصومال: "إجراءات صارمة" ضد وسائل الإعلام التي تنشر "أخبار الإرهابيين"
معركة مصيرية
وأكد المحلل السياسي، على أن الصومال أمامه معركة مصيرية قد تستغرق وقتا أطول حتى يكون النصر للطرف الأطول نفسا، وإن كانت الحكومة قد أعلنت هذه المرة عزمها على استئصال الحركة، وإنهاء هذه الحرب خلال أشهر فقط تمتد ما بين 6 أشهر إلى عام واحد، لكن من وجهة نظري ليس الأمر بهذه السهولة، ما لم تكن هناك مفاجئات من شأنها تغيير قواعد اللعبة برمتها.
وقتلت قوات الأمن الصومالية المدعومة من قبل شركاء دوليين أكثر من 100 من مقاتلي حركة الشباب ومليشياتهم خلال يومين من العمليات في الجزء الأوسط من البلاد، حسبما ذكر مسؤول حكومي يوم الاثنين الماضي.
وقال نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة عبد الرحمن عدالة، إن العمليات التي استهدفت قادة حركة الشباب ومليشياتهم في مقاطعة شابيلي الوسطى شهدت أيضا تدمير سيارات مفخخة، موضحا أن العمليات الناجحة نُفذت بالتعاون مع وكالة المخابرات والأمن الوطنية وشركاء دوليين.
واستهدفت العملية الأولى يوم السبت مرآبا ومنزلا كان يجتمع فيه قادة ومليشيات، مما أسفر عن مقتل 21 إرهابيا بينهم عبد الله عليه رالي.
وقال عدالة، إن عمليات أخرى جرت الأحد الماضي واستهدفت مخابئ تابعة لحركة الشباب بما في ذلك السيارات المفخخة التي كانوا يستخدمونها لشن هجمات.
وتعهدت القوات الأمنية بتكثيف العمليات الجوية والبرية على حد سواء لطرد مقاتلي الحركة الذين يهاجمون السكان المحليين ويجمعون جبايات غير قانونية من السكان، وفقا لوكالة "شينخوا".
وعلى الرغم من العمليات الأمنية المكثفة التي شنتها الحكومة المتحالفة، فقد كثف المسلحون من هجماتهم على قوات الأمن الحكومية والأماكن العامة الأخرى للإطاحة بالحكومة.
مناقشة