من "ماجر" إلى "سرت"... محاولات لإخفاء "جرائم حرب" ارتكبها الناتو في ليبيا

في 8 أغسطس/ آب 2011، ارتكبت قوات حلف الناتو مجزرة شنيعة خلال قصفها للأراضي الليبية، حيث قتلت العشرات من المدنيين بمنطقة ماجر في مدينة زلتين شرقي طرابلس.
Sputnik
جريمة الحرب التي ارتكبتها قوات الناتو في "ماجر" التي راح ضحيتها 84 شخصا من بينهم أطفال ونساء، ليست الوحيدة، ففي شهر أغسطس قتل 13 شخصا مدنيا في غارة واحدة في بني وليد، وفي 15 سبتمبر/أيلول 2011، قتل 56 مدنيا في مدينة سرت في عملية قصف مزدوج، كما قامت طائرات الناتو باستهداف عشرات المدنيين في منطقة العرقوب جنوب مدينة البريقة.
خلال عمليات الناتو في ليبيا استهدفت العديد من المنشآت الليبية ومنازل المدنيين في سرت وطرابلس والعديد من المناطق التي راح ضحيتها العشرات من المدنيين الأبرياء أغلبيتهم من النساء والأطفال.
الدبيبة: المصالحة الوطنية الليبية يجب ألا تجرى في أفخم الفنادق مع المجرمين
يؤكد العديد من خبراء القانون الدولي أن حلف الناتو وذراعه السياسي في مجلس الأمن الدولي أعدوا العدة مسبقا لتدمير البلد الأفريقي، خاصة أنه حين أصدر المجلس الأممي قراريه 1970 و1973 في شهر مارس/آذار 2011، كانت كل الأشياء معدة مسبقا.
وبصيغة مفتوحة جاء نص القرار الأممي كالتالي: "يؤذن للدول الأعضاء التي أخطرت الأمين العام - وهي تتصرف على الصعيد الوطني أو عن طريق منظمات أو ترتيبات إقليمية وبالتعاون مع الأمين العام - أن تتخذ جميع التدابير اللازمة لحماية المدنيين وإبلاغ الأمين العام بها"، وهي الصيغة المفتوحة التي استغلها الحلف لتدمير ليبيا.
قوات الناتو
وفي 9 أغسطس 2011، العقيد الليبي الراحل معمر القذافي في رسالته الشهيرة إلى رؤساء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، حمّلهم فيها مسؤولية "المجزرة البشعة التي اقترفها حلف شمال الأطلنطي (الناتو)" بالمدينة.
وقد أشار تقرير نشرته منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية في وقت سابق، إلى إحصائية جزئية لمن سقطوا من المدنيين جراء غارات وقصف قوات الناتو من تحالف معه في ليبيا سنة 2011، حيث أكد التقرير وفاة 72 شخصاً على الأقل في غارات جوية على أهداف وصفها بغير الواضحة.
يقول أشرف عبد الفتاح عضو المجلس الأعلى للقبائل الليبية، إن قوات الحلف قصفت العديد من المباني منها مبنى الرقابة الإدارية بطرابلس، رغم أنها ليست عسكرية.
غوتيريش يؤكد سعيه لتجنب السيناريو الأسوأ في ليبيا ويدعو الجميع إلى الاتفاق على إجراء الانتخابات
وأضاف عبد الفتاح أن محاولات تجرى في الوقت الراهن لإخفاء جرائم الناتو في ليبيا عن طريق إزالة الأبنية نهائيا لتخفي معها الأدلة الموجودة حتى اليوم على جرائم الحلف، موضحا أن الجرائم التي ارتكبت في ماجر ومناطق أخرى أدت إلى مقتل نحو 80 مدنيا، بعضهم لم يوثق، كما وقعت مجازر مشابهة في سرت.
يتفق العديد من الأطراف على أن العمليات التي ارتكبها الناتو في ليبيا عام 2011، هي جرائم حرب، لكن الحكومات المتعاقبة في ليبيا لم تتجه نحو اتخاذ أي خطوة في الإطار، بل هي تسعى دائما لاسترضاء حكومات دول الحلف، حسب آراء عدة من الداخل الليبي.
وشدد على أن المباني التي دمرها الحلف في 2011، يتم العمل في الوقت الراهن على إخفاء معالمها، خاصة في ظل مطالبة أهالي الضحايا بتحريك دعاوى جنائية.
الرأي القانوني
من ناحيته، قال محمد الزبيدي أستاذ القانون الدولي الليبي لـ"سبوتنيك" إن "إحدى المحاولات كانت عبر رابطة ضحايا الناتو، وأن هناك قضية مرفوعة أمام القضاء البلجيكي".
وفسر الزبيدي الموقف الدولي من جرائم الناتو في ليبيا، بأن الأمر مرتبط بعدم تحرك أهالي الضحايا، إضافة إلى أن الحكومات التي تعاقبت على الحكم في طرابلس لم تستطع معاداة الناتو بل عملت على استرضاء الحكومات الغربية.
وأشار إلى أن جرائم حرب ارتكبتها قوات الناتو والمليشيات، وأن قتل الرئيس الراحل معمر القذافي هي جريمة حرب، وكذلك قتل ابنه المعتصم القذافي، لافتا إلى أن جرائم الحرب ترفع القضايا بشأنها أمام المحاكم الدولية، من طرف الدول أو أهالي الضحايا، غير أن في الحالة الليبية لم يتحرك الأهالي بالقدر الذي يجعل المجتمع الدولي يتفاعل مع قضيتهم.
عمرو موسى: نتائج تدخل الناتو في ليبيا كارثية... وأتوقع امتداد آثار أزمة أوكرانيا
وفي العام 2011، خرج أمين عام حلف الناتو آنذاك، أندرسن فوج راسموسن، مدعيا أن "تحرك الحلف ضد النظام الليبي كان بمقتضى تفويض قوى من مجلس الأمن، ودعم واضح من دول المنطقة"، وهو ما كشف لاحقا أن الغرب كان يعد العدة لتدمير ليبيا، حيث استهدف المنشآت والأبنية المدنية والمدنيين مخلفا جرائم عدة في الدولة الليبية.
قامت قوات الناتو في العام 2011 بأكثر من 26.500 طلعة جوية، منها 9700 طلعة قصف جوي، بالإضافة إلى طلعات ضرب لتحديد الأهداف ولم يستعمل السلاح في كل مرة.
كما دمرت أكثر من 5900 هدف بما فيها الأهداف العسكرية والمدنية، وأكثر من 400 مدفعية وقاذفات صواريخ، وأكثر من 600 دبابة أو عربة ومدرعة، بحسب "بوابة أفريقيا".
مناقشة