القرم تروي قصة تاريخها "المتجذر" في روسيا... فيديو

يرتبط تاريخ دخول شبه جزيرة القرم إلى روسيا ارتباطًا وثيقًا بالنضال المستمر منذ قرون والذي خاضته روسيا على حدودها الجنوبية ضد الإمبراطورية العثمانية منذ عام 1299 وحتى عام 1922، وخانية القرم التابعة لها في ذلك الوقت (1441- 1783).
Sputnik
وفي مثل هذا اليوم قبل 240 عامًا، اتخذت الإمبراطورة يكاترينا الثانية قرارًا تاريخيًا من خلال التوقيع على بيان حول ضم شبه جزيرة القرم إلى الإمبراطورية الروسية.
ونشأت خانية القرم في منتصف القرن الخامس عشر كدولة مستقلة، وبالنسبة للعثمانيين، كانت ذات أهمية استراتيجيةـ حيث شكلت معقلًا للقتال ضد الدولة الروسية وبريطانيا، فضلاً عن كونها مركزًا تجاريًا رئيسيًا في منطقة البحر الأسود.

وازدهرت تجارة الرقيق في شبه الجزيرة نتيجة للعديد من الغوات، حيث تم القبض على حوالي أربعة ملايين روسي وبولندي ثم بيعوا في سوق العبيد للإمبراطورية العثمانية.

وأغارت القرم باستمرار على الأراضي الروسية، وكان آخرها في القرن السادس عشر.
ولكن حتى نهاية القرن السابع عشر، كان الحكام الروس يدفعون لخانات القرم فدية للامتناع عن مهاجمة الأراضي الروسية.
وفي القرن السابع عشر، دخل القوزاق، الذين كانوا يعتبرون رعايا روس، في اشتباكات مستمرة مع الأتراك والتتار.
القرم: أوديسا يجب أن تصبح روسية

وفي عام 1681، تم إبرام معاهدة بخشيساراي، والتي بموجبها مرت الحدود بين روسيا والإمبراطورية العثمانية على طول الروافد السفلية لنهر دنيبر.

وفي عامي 1687 و1689، في عهد الملكة صوفيا (1657-1704)، تم شن حملتين فاشلتين للقوات الروسية في شبه جزيرة القرم تحت قيادة الأمير فاسيلي غوليتسين.
وتحت حكم بيتر الأول (1672-1725)، حاربت روسيا مرتين ضد الدولة العثمانية خلال حملات بحر آزوف، وسيطرت روسيا على آزوف وبدأت في بناء أسطول عسكري في منطقة البحر الأسود.
واستردت حملة بروت العثمانية عام 1711 بحر آزوف، وقضت على الحصون في الجنوب، ودمرت الأسطول الروٍسي.
وفي عام 1735، اندلعت حرب أخرى بين روسيا والإمبراطورية العثمانية في عهد الإمبراطورة آنا يوانوفنا، وحرر الجيش الروسي عددا من القلاع وسيطر مؤقتًا على شبه جزيرة القرم.

وأصبح النضال من أجل شبه جزيرة القرم والوصول إلى البحر الأسود أحد أولويات السياسة الخارجية للإمبراطورة يكاترينا الثانية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر.

العملية العسكرية الروسية الخاصة
الرئيس البرازيلي يقترح تخلي أوكرانيا عن شبه جزيرة القرم... "زيلينسكي لا يمكنه الحصول على كل ‏شيء"‏
وسمح ضم شبه الجزيرة لروسيا بتأمين أراضيها الجنوبية، وكذلك تحويل بحر آزوف إلى بحر داخلي.

وفي 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 1772، تم توقيع اتفاقية بين الإمبراطورية الروسية وخانية القرم في المدينة التجارية الرئيسية كاراسوبازار (بيلوغورسك حاليًا)، والتي بموجبها تم إعلان القرم خانية مستقلة عن العثمانيين تحت حماية روسيا.

وانتقلت موانئ كيرتش وكينبيرن وينيكالي إلى أراضيها، وهكذا، حصلت روسيا على حق الوصول إلى البحر الأسود والصيادون الروس الحق في الصيد في بحر آزوف ومضيق كيرتش.

وأصبحت مولدافيا ولاشيا تحت الحماية الروسية، ووفقًا للمؤرخين، كانت المعاهدة واحدة من أكبر نجاحات الإمبراطورة يكاترينا الثانية وخلقت الشروط الأساسية لانتصارات الجيش الروسي في المستقبل.

ومع ذلك ، فإن سلام "كيوشوك-كينارجي" لا يمكن أن يكون أبديًا. اكتسبت روسيا موطئ قدم فقط بالقرب من البحر الأسود، وظلت القرم على الحياد.
وخاطب الأمير غريغوري بوتيمكين الإمبراطورة في عام 1782 بمذكرة جاء فيها أن "الاستحواذ على شبه جزيرة القرم لن يؤدي إلا إلى إحلال السلام. ومع شبه جزيرة القرم، ستأتي الهيمنة في البحر الأسود أيضًا".

ووافقت يكاترينا الثانية على خطة الأمير، الذي قاد شخصيًا عملية انضمام شبه الجزيرة إلى الإمبراطورية.

في 19 أبريل/ نيسان 1783، في سانت بطرسبورغ، وقعت الإمبراطورة يكاترينا الثانية على بيان "حول قبول شبه جزيرة القرم وجزيرة تامان وكوبان في ظل الدولة الروسية".

وأشارت الوثيقة إلى "تحول سعيد من التمرد والفوضى إلى السلام والصمت والنظام القانوني"، ومنذ ذلك اليوم، أصبحت القرم جزءًا من الإمبراطورية الروسية.

كان انضمام القرم إلى روسيا ذا أهمية كبيرة. مع مجيء الإدارة الروسية، ألغيت تجارة الرقيق، وبدأت إدارة الدولة من النوع الأوروبي في التطور. بدأ الاقتصاد والثقافة والتجارة تتطور بسرعة، وبدأ تطوير مجموعة كبيرة من أراضي القرم الخصبة، ورسخ الأسطول الروسي نفسه بقوة في البحر الأسود.
وبحلول منتصف القرن التاسع عشر، تم تعزيز سيفاستوبول أخيرًا كقاعدة رئيسية لأسطول البحر الأسود، وخلال حرب القرم (1853-1856)، واجهت كل من بريطانيا العظمى وفرنسا والإمبراطورية العثمانية ومملكة سردينيا روسيا في وقت واحد.

كانت سيفاستوبول تحت الحصار لمدة عام، وهُزمت الإمبراطورية الروسية في هذه الحرب، لكن شبه جزيرة القرم حافظت على تكوينها.

العملية العسكرية الروسية الخاصة
الكرملين: البحر الأسود لن يكون أبدا "بحرا للناتو"
وفي بداية القرن العشرين، خلال الحرب الأهلية في روسيا (1917-1922)، تغيرت السلطة في شبه الجزيرة، ففي 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 1920، تم تحرير شبه الجزيرة بالكامل من قبل الجيش الأحمر.

وفي 18 أكتوبر/ تشرين الأول 1921تم تشكيل جمهورية القرم الاشتراكية السوفيتية المستقلة داخل حدود شبه جزيرة القرم كجزء من جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفياتية.

وخلال الحرب الوطنية العظمى (الحرب العالمية الثانية)، وبحلول يوليو/ تموز 1942، احتلت القوات الألمانية والرومانية أراضي جمهورية القرم السوفيتية الاشتراكية، وفي مايو/ أيار 1944، حرر الجيش الأحمر شبه جزيرة القرم.
وفي عام 1948، حصلت سيفاستوبول على وضع مدينة التبعية الجمهورية لجمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفياتية (إقليمياً حتى عام 1978 ظلت جزءًا من منطقة القرم).
وفي عام 1954، تم نقل منطقة القرم إلى جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية (إحدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي).
ووفقًا لنتائج استفتاء عموم القرم الذي أجري في 20 يناير/ كانون الثاني 1991، تم تحويل منطقة القرم التابعة لجمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية في 12 فبراير 1991 إلى جمهورية القرم الاشتراكية السوفيتية المتمتعة بالحكم الذاتي.
ومنذ 1 ديسمبر/ كانون الأول 1991، كانت أراضي جمهورية القرم الحديثة جزءًا من أوكرانيا، وفي 26 فبراير 1992، تم تغيير اسم جمهورية القرم الاشتراكية السوفييتية إلى جمهورية القرم، وفي 5 مايو ، تم إعلان استقلال دولتها، وفي عام 1998، تم تغيير اسمها إلى جمهورية القرم ذات الحكم الذاتي.
العملية العسكرية الروسية الخاصة
زعيم الحزب الوطني التركي يعترف بشبه جزيرة القرم والمناطق الجديدة أنها أراضي روسية
في عام 2014 وصلت قيادة معادية لروسيا إلى السلطة في أوكرانيا نتيجة انقلاب غير شرعي.
واندلعت احتجاجات في مدن جنوب وجنوب شرق أوكرانيا للدفاع من السكان الناطقين بالروسية للدفاع عن هويتهم، والتي تم في العديد منها رفع الأعلام الروسية في القرم وسيفاستوبول، وتطورت المسيرات إلى حركة قوية مؤيدة لروسيا.

نتيجة لهذه الأحداث، في 16 مارس/ آذار 2014، تم إجراء استفتاء لعموم القرم على أراضي جمهورية القرم المتمتعة بالحكم الذاتي، حيث صوت غالبية السكان للانضمام إلى روسيا، وتم دعم إعادة التوحيد مع روسيا بنسبة 96.77% من القرم و95.6% من سكان سيفاستوبول.

وفي 18 مارس 2014، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقيادة شبه جزيرة القرم وعمدة مدينة سيفاستوبول اتفاقية بشأن انضمام جمهورية القرم ومدينة سيفاستوبول إلى روسيا.
مناقشة