هل يمنع الجدار العازل بين العراق وسوريا تحركات "داعش" والفصائل المسلحة؟

منذ إعلان العراق الانتصار على تنظيم "داعش" (الإرهابي المحظور في روسيا ودول عديدة) لم تنقطع عمليات الجيش عن ملاحقات فلول التنظيم في العديد من المناطق وخاصة المناطق الحدودية بين العراق وسوريا.
Sputnik
وهي المناطق التي توجتها حكومة محمد شياع السوداني بالإعلان عن بناء جدار خرساني عازل على الحدود بين البلدين.
يرى مراقبون أن هذا الجدار قد يقلص من تحركات عناصر التنظيم وتجارة المخدرات وتهريب السلع والجريمة المنظمة العابرة للحدود، في حين يرى آخرون أن ما تشهده المنطقة في الأشهر الأخيرة نتيجة الحرب الدائرة في غزة وعمليات الاستهداف غير المسبوقة للقواعد الأمريكية في كل من سوريا والعراق عبر الفصائل المسلحة، قد يكون أحد أسباب التعجيل ببناء الجدار، خاصة وأن هناك حدودا مفتوحة مع إيران ولم يتم اتخاذ إجراء بشأنها.
إيران توجه رسالة إلى مجلس الأمن بشأن استهداف المنشآت الأمريكية في العراق وسوريا
فما هى المهمة الحقيقية للجدار العازل العراقي مع سوريا؟
بداية يقول الخبير الأمني العراقي، مخلد حازم الدرب، إن المهمة التي كلفت بها وزارة الداخلية العراقية من قبل الحكومة تمثلت بمنع تسلل الإرهابيين وكبح جماح التنظيمات الإرهابية، كان من الضروري أن تتخذ من الأدوات التي تمكنها من فرض السيطرة وتقليل تلك التحركات والهجمات.
تحييد الإرهابيين
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "هذه المهمة كانت في المقام الأول هدفها تحييد الإرهابيين وعصابات داعش، لأننا شهدنا في فترات سابقة الكثير من العمليات الإرهابية في المناطق الشمالية من العراق وكذلك في المناطق الغربية، وهذه المنطقة المناطق بعضها صحراوي والبعض الآخر رخو".
وتابع الدرب: "كانت المعلومات تشير إلى أن عمليات التسلل تأتي من المناطق السورية من الشرق والبادية، لذلك كانت إحدى الخطط الأمنية هي بناء جدار عازل ما بين العراق والجانب السوري، فتم عمل كتل خرسانية في المناطق القريبة من جبال السنجار والتي كانت تعتبر خاصرة رخوة مهمة، لذا لم يكتمل هذا الجدار لأنه كان يحتاج إلى مسافات طويلة لغرض البناء، لكن هناك عمل دؤوب لإنهاء هذا الجدار ما بين العراق وسوريا من جهة جبل السنجار، والعمل تقريبا شبه انتهى في المناطق الغربية على ثلاث مراحل وهو بناء خندق ومن ثم أسلاك شائكة وكاميرات حرارية".
حدود مفتوحة
وأشار الخبير الأمني، إلى أن هذه الآلية قد تنهي عمليات التسلل فيما يخص الإرهاب، وكذلك تجارة المخدرات وأصحاب الجريمة المنظمة وغيرهم، لأنه بالتأكيد هناك منافذ ثانوية تستخدمها هذه العصابات بمساعدة جهات متنفذة تساعد في عملية إدخال المخدرات إلى الجانب العراقي، فلدينا حدود مفتوحة مع الجانب الإيراني وهذه الحدود لم يتم اتخاذ إجراء بشأنها حتى الآن.
فصائل عراقية مسلحة تعلن استهداف قاعدة عسكرية أمريكية في سوريا بعدة صواريخ
من جانبه يقول غازي السكوتي، مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، إن الجدار العازل بين سوريا والعراق تم العمل على إنشائه منذ سنوات ومر بمراحل مختلفة منذ القضاء على تنظيم "داعش"، وكان المشروع محدودا وبسيطا، عبارة عن أسلاك شائكة وبعض المناطق وضعت بها أدوات تحصين وعزل في بعض الطرق التي كانت ممرات للتنظيمات الإرهابية.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "هذا الجدار بالتأكيد لعب دورا مهما في تقييد حركة تنظيم داعش وتهريب المخدرات وغيرها من مافيات الجريمة المنظمة وتهريب الأسلحة بين العراق وسوريا، مما يشكل عامل مهم في تهديد الأمن والاستقرار بين البلدين".
الفصائل المسلحة
وتابع السكوتي: "من المؤكد أن الجدار في الوقت الحالي سوف يقيد حركة تنقل الفصائل المسلحة، كما أنه وفقا للمعلومات المتاحة فإن هناك أكثر من عشرة آلاف داعشي في سوريا وأيضا نحو ثلاثة آلاف في العراق، وهناك حركة متبادلة بين الجانبين على صعيد الخطط والأهداف الإجرامية لهذا التنظيم".
وأشار مدير المركز العراقي إلى أن الفصائل المسلحة المستمرة في استهداف القواعد الأمريكية في العراق وسوريا، هذا الجدار قد يقيد حركة تلك الفصائل، لكن لدي قناعة بأن تلك الفصائل قد يكون لها ممراتها الخاصة بعيدا عن منطقة الجدار تستخدمها في التحرك بين العراق وسوريا وفي مجال نقل الأسلحة والتي يتم استهدافها من قبل القوات الأمريكية وقوات التحالف في بعض الأحيان على الحدود العراقية السورية.
وكالات: البنتاغون ينفي وجود خطط لتقليص حجم القوات الأمريكية في سوريا والعراق
وذكر بيان لوزارة الداخلية أن "الوزير عبد الأمير الشمري افتتح الأحد الماضي الجدار الذي تم إكماله في منطقة الباغوز شمال الفرات، وعلى الشريط الحدودي العراقي السوري، بحضور قائد قوات الحدود وعدد من القادة الأمنيين".
ونقل البيان عن الشمري قوله إن "الجدار الكونكريتي (الخرساني) يعد ضمن سلسلة من التحصينات الأمنية الكبيرة التي تجريها الوزارة لتعزيز أمن الحدود، والتي أسهمت في ضبط أمن الحدود العراقية السورية ومنع عمليات التهريب ومكافحة التنظيمات المسلحة"، بحسب صحف عراقية.
وبين المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد مقداد الموسوي أن طول الحاجز يبلغ 160 كيلومترا، وبارتفاع 3 أمتار شمال نهر الفرات، مشيرا إلى أن الجدار سيسهم بشكل كبير في الحد من عمليات التسلل كونه محكما، خاصة وأن هناك خندقا بعمق 3 أمتار وعرض 3 أمتار بمحاذاته، فضلا عن ساتر ترابي ثم "جدار كونكريتي" تتخلله أسلاك شائكة ثم عارض منطادي، بالإضافة إلى وُجود القطعات الأمنية وأبراج مراقبة وكاميرات حرارية.
مناقشة