سياسيون يكشفون لـ"سبوتنيك" أهداف زيارة وزير الخارجية الروسي إلى السودان

تحظى زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى السودان ضمن جولته الأفريقية بأهمية كبيرة إقليميا ودوليا نظرا لما تمثله من أهمية في هذا التوقيت الذي يعاد فيه تشكيل العالم وإعادة التوازن بتعدد الأقطاب وإنهاء الهيمنة الأمريكية.
Sputnik
فما هي أهداف تلك الزيارة وتداعياتها على العلاقات بين روسيا والسودان والمصالح المشتركة؟
السفير السوداني: زيارة لافروف إلى السودان محطة هامة تعطي دفعة للعلاقات بين البلدين
بداية يقول أبي عز الدين، المحلل السياسي والمدير الأسبق لإدارة الإعلام برئاسة الجمهورية في السودان: "تأتي زيارة السيد سيرغي لافروف للسودان في نهاية جولته الأفريقية في توقيت يتم فيه إعادة تشكيل الأقطاب عالميا، بحيث يحدث التوازن العادل في العالم، وهذا ما يتم العمل عليه الآن عبر استعادة روسيا قوتها، وصعود نجم الروبل الروسي واليوان الصيني مؤخرا، وتصاعد الدعوات من أغلب دول العالم (خصوصا الأفريقية) واللاتينية والآسيوية بضرورة إصلاح مجلس الأمن بحيث يخرج عن سيطرة حلف الناتو والدول المعروفة باستعمار أفريقيا والعالم الثالث".
أبعاد الزيارة

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن للزيارة الروسية عدة أبعاد سياسية واقتصادية، خصوصا أن الروبل الروسي الذي يزداد قوة صار يرتبط مؤخرا بعدة عملات مثل الجنيه المصري الذي دخل سلة العملات، ومعلوم الارتباط الاقتصادي القوي بين السودان ومصر، ولذلك كانت من بنود الزيارة مناقشة بعض الجوانب الاقتصادية في ظل الأزمات المتتالية التي يتعرض لها السودان منذ العام 2019، ونوقش تفعيل الاتفاقيات الثنائية وآخرها اتفاقيات اللجنة الوزارية المشتركة بين السودان وروسيا في أغسطس/ آب 2022 بالعاصمة موسكو.

وتابع عز الدين: "كما أن تأخر المصادقة على اتفاقية القاعدة البحرية في البحر الأحمر وحماية السودان عبر تطوير قدراته العسكرية وصناعاته الدفاعية، بسبب عدم وجود إرادة سياسية في السودان منذ 4 سنوات وعدم وجود برلمان أو عقد الانتخابات بسبب الصراع السياسي الشرس على الكراسي بين المكونات المدنية المسيطرة على المشهد السياسي في هذه المرحلة، لذا كان من الضروري اهتمام روسيا باستقرار السودان سياسيا وأمنيا".
زيارة لافروف للسودان تفاجئ الغرب
وأشار مدير الإعلام الأسبق إلى أنه "من بين الملفات المهمة للدولتين هو ملف الاستثمار في مجالات الطاقة والتعدين، للنقص الكبير الذي يعانيه السودان في الطاقة منذ الانقلاب على البشير قبل أربعة أعوام، وما ترتب على ذلك من إعاقة للتنمية والتطوير واستكمال النهضة".
وثيقة القاهرة
ورأى عز الدين أنه من الناحية السياسية، توافقت زيارة وزير الخارجية الروسي مع اختتام الحوار (السوداني-السوداني) في مصر، وتكوين تنسيقية القوى الوطنية الديمقراطية، التي تم التوقيع عليها في القاهرة من 35 حزبا وتنظيما لأنها تضمن مشاركة أوسع للقوى السياسية والمجتمعية بالسودان وكذلك حركات الكفاح الوطني المسلح، بما يضمن فرصا أكبر للاستقرار في السودان والمنطقة، وبعيدا عن تدخلات الأيادي الغربية.
واستطرد: لذا فإن زيارة لافروف للخرطوم اليوم تشكل دعما سياسيا للملمة الشمل السوداني عبر (حوار شامل) وتوسعة المشاركة وصولا للانتخابات العامة، وهو ما سيوفر بيئة مستقرة كي تعود الاستثمارات الأجنبية للسودان، بما فيها الاستثمارات الروسية، من أجل استمرار التنمية واستكمال النهضة في السودان.
عالم متعدد الأقطاب
من ناحيته يقول الفريق جلال تاور، الخبير العسكري والاستراتيجي السوداني إن: "زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، تزامنت مع زيارة عدد من المبعوثين الغربيين للسودان، حيث التقى الرئيس عبدالفتاح البرهان وعدد من كبار المسؤولين وأوضح وجهة نظر موسكو فيما يتعلق بالاتفاق الإطاري للسلام في البلاد وهذا هو ما تم الإعلان عنه".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، إن: "هذه الزيارة مهمة جدا، وربما لأول مرة عن نفسي اسمع عن زيارة وزير الخارجية الروسي للسودان، فهذه الزيارة نوعية وفريدة، لذا فإن تلك الزيارة ارتبطت بالعديد من الملفات المهمة للبلدين، وعلى رأسها ساحل البحر الأحمر".
وعن تصريحات لافروف بشأن سعي روسيا إلى عالم متعدد الأقطاب يقول تاور: إن روسيا تسعى حاليا مع حلفائها لإيجاد عالم متعدد الأقطاب بعد أن سيطرت واشنطن وحلفاؤها لسنوات في عالم ذو قطب واحد، حيث أن التعدد يحدث نوع من التوازن العادل في العلاقات الدولية، علاوة على ذلك تعمل موسكو على تنمية مصالحها المرتبطة بالسودان، حيث يعد السودان اليوم محور كل العالم شرقه وغربه، روسيا دولة عظمى في العالم ولها وزنها، وتسعى اليوم لإعادة أمجادها السابقة في عالم متعدد.
علاقات استراتيجية
أما الدكتور جعفر محمدين، أمين عام مؤتمر الكنابي بالسودان فيقول لـ"سبوتنيك" إن: "زيارة لافروف للسودان جاءت للتأكيد على العلاقات الاستراتيجية بين الخرطوم وموسكو، علاوة على دعمها الاتفاق الإطاري الذي وقع بين المجلس المركزي والمجلس العسكري، ولا شك أن روسيا من الدول المؤثرة في المحيط الإقليمي".
وزير الخارجية الإسرائيلي يصل الخرطوم ويلتقي البرهان
بدوره يقول أبو بكر عبد العزيز، مدير مكتب الصحفيين الأفارقة في كندا إن: "زيارة لافروف للسودان تأتي في توقيت هام جدا، حيث يتوافد المسؤولون الغربيون على الخرطوم وعملية التطبيع مع إسرائيل والخلافات الداخلية بين القادة العسكريين الكبار خصوصا البرهان وحميدتي حول الملفات الخارجية ومن بينها العلاقات مع روسيا والتي كان حميدتي (النائب الأول لرئيس مجلس السيادة) قد زارها منذ فترة قريبة".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أنه نظرا للتضارب والخلافات بين العسكريين داخل مجلس السيادة حول السياسة الخارجية تنبهت موسكو للوضع الراهن بوضع السودان في دائرة الاهتمام والعمل على تعميق العلاقات بين الخرطوم وموسكو.
ويرى عبد العزيز أن "تلك الزيارة ربما تهدف إلى إفشال المخطط الأمريكي والذي بدأت ترجمته على الأرض في الإعلان الرسمي عن التطبيع مع إسرائيل والتي زار وزير خارجيتها الخرطوم لأول مرة منذ أيام، هذا التمدد الأمريكي الإسرائيلي يمثل خطورة على المصالح الروسية في السودان".
من جانبها تؤكد لنا مهدي، القيادية في حزب الأمة القومي السوداني، أن زيارة وزير الخارجية الروسي للسودان تعني أن روسيا لا تود أن تبقى بعيدة عن الجهود الدولية والإقليمية في المساعدة في معالجة الأزمة السودانية.
حمد بن جاسم ينتقد تطبيع السودان علاقاته مع إسرائيل... خطوة ليست موفقة
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، زيارة وزير الخارجية الروسي للسودان تعتبر دعما للجهود الدولية والإقليمية الداعمة لحل الأزمة السودانية واستكمال التحول المدني الديمقراطي، بناء على الاتفاق الاطاري المصاغ بأيدي سودانية وتسهيل دولي وإقليمي.
وأشارت مهدي إلى أن تصريح وزير الخارجية الروسي لافروف بدعم بلاده للاتفاق الاطاري، يؤكد أن روسيا تريد أن تكون في قلب الجهود الدولية الساعية لمساعدة السودانيين في تجاوز الأزمة واستكمال التحول المدني الديمقراطي بتشكيل حكومة مدنية كاملة الدسم واختتام الفترة الانتقالية بانتخابات حرة ونزيهة.
أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم الخميس، في مؤتمر صحفي مع نظيره السوداني علي الصادق، أن موسكو والخرطوم في طور التصديق على نقطة للبحرية الروسية في البحر الأحمر.
وقال لافروف للصحفين، اليوم الخميس، في الخرطوم: "أما الاتفاق على إنشاء مركز دعم مادي للبحرية الروسية في السودان فهو الآن في طور المصادقة عليه".
من جانبه، قال وزير الخارجية السوداني علي الصادق، اليوم الخميس، إنه ناقش مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في الخرطوم، القضايا ذات الاهتمام المشتركة.
وأكد دعم بلاده لمساعي روسيا لإرساء التعددية القطبية في العالم وإصلاح الأمم المتحدة.
وتابع: "اتفقنا على موضوع إصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي"، مضيفًا أن "السودان يدعم السعي الروسي لخلق عالم متعدد الأقطاب والعمل على خلق أمم متحدة تتساوى فيها جميع الدول".
وأوضح الوزير أيضا أنه أكد للجانب الروسي أن "السودان سيكون مشاركا في المنتدى الروسي الأفريقي الذي سينعقد في شهر تموز/يوليو القادم".
ووصل لافروف إلى الخرطوم، يوم أمس الأربعاء، في زيارة رسمية، التقى خلالها مع نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، محمد حمدان دقلو، ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان.
مناقشة