لماذا تراجعت عمليات تنظيم "داعش" في سوريا والعراق؟

رغم مرور أكثر من خمس سنوات على إعلان العراق الانتصار على تنظيم "داعش" الإرهابي (المحظور في روسيا ودول أخرى) في الأول من ديسمبر/ كانون أول 2017، إلا أن كل الشواهد تؤكد بقاءه، وإن لم يكن بالشكل السابق، في كل من سوريا والعراق وفي مناطق يصعب الوصول إليها، مع تراجع عملياته خلال الأشهر الأخيرة.
Sputnik
ما الأسباب التي أدت إلى تراجع عمليات تنظيم داعش في كل من سوريا والعراق... هل هو ضعف التنظيم أم هدوء تكتيكي؟
العراق يعلن تخصيص طائرتين لإجلاء رعاياه من السودان
بداية يقول إياد العناز، المحلل السياسي العراقي: "سياسة تنظيم داعش، أنه يتابع الأحداث والوقائع على الميدان ويعمل على استثمار المتغيرات السياسية وطبيعة التحالفات الإقليمية والدولية".

وأضاف، في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن التنظيم يسعى إلى إثبات وجوده وتحريك أدواته لتحقق له الغايات والأهداف التي يسعى إليها، برفع معنويات مقاتليه، وإرسال رسائل تعبوية وأمنية بقدرته على التحرك واستمرار عملياته التعرضية.

وأشار العناز إلى أنه رغم توفر العديد من الوسائل والإجراءات والمتابعات الاستخبارية والأمنية من أطراف دولية تتمثل بقوات التحالف الدولي في العراق، بالاشتراك مع القوات الأمنية والعسكرية العراقية والعمليات الميدانية، وكذلك الفعاليات التي تواجه بها القوات الأمريكية قيادات التنظيم المتواجدة في الميدان السوري، إلا أنه لا يزال مستمر وموجود، وهذه هي عقيدة التنظيم.
مرحلة إعداد
وتابع: "التنظيم يستخدم سياسية الردع والمواجهة ثم اتباع وسائل الاختفاء والابتعاد، ليعود مرة أخرى مع اختياراته الأماكن الرخوة، والتي تبتعد قليلا عن مراكز المدن والأقضية في الوقت الحاضر، ومتابعة حركة القطاعات العسكرية وانتقالها على الطرق الرئيسية، وتصعيد حالة الاختفاء من خلال المخابئ والحواضن في الأراضي الصحراوية والبادية".

وأوضح المحلل السياسي، أن عملية السكون التي قد تظهر على قيادة التنظيم، إنما هي مرحلة لإعادة تكوين وهيكلية عمله، ثم البدء بمحاور ووسائل جديدة تساعدهم على العمل والاستمرار.

المناطق الوعرة
من جانبه يقول عبد القادر النايل، عضو التحالف الوطني للتغيير في العراق، إن "تنظيم الدولة انحسر منذ سنوات في مناطق بعيدة عن الاحتكاك المباشر وفيها صعوبة التنقل، لضمان عدم وصول القطعات العسكرية إلى معاقله التي يتواجد فيها، وهي عبارة عن جبال وعرة لا تستطيع الطائرات الوصول إليها".
وزير الدفاع العراقي يلتقي برئيس الاستخبارات في الجيش السعودي ويبحث التعاون بين البلدين
وأضاف، في حديثه لـ"سبوتنيك"، بالإضافة إلى التضاريس التي اختارها التنظيم لتكون مناطق ارتكاز بالنسبة له، والتي يصعب الوصول إليها حتى بالطائرات، نجد أن هناك أشياء أخرى تساعد على بقاء التنظيم وعدم تفككه، تتمثل في ضعف القوات والميليشيات المحلية في سوريا والعراق، وعدم قدرتها على الدخول إلى تلك المناطق الحدودية.
رفض شعبي

وتابع النايل: "في ظل سعي التنظيم إلى التحصن ورسم الخطط، نجد أن القوات العسكرية المحلية والميليشيات في كل من سوريا والعراق، والمكلفة بمحاربة التنظيم، اتخذت من تواجدها فرصة للثراء وكان اهتمامها بتهريب النفط والسلع والمخدرات والإثراء على حساب مهنتها التي جرى توظيفهم لها، وخصصت مبالغ مالية تدفع جراء استخدامهم تماشيا مع الخطة الأمريكية التي أعدتها في استراتيجية مواجهة ما أطلقت عليه تنظيم داعش، مما دفع الأخير إلى استخدام أسلوب الهجمات السريعة تجنبا لكشف طرق تحركاتهم أو تواجدهم".

وأشار عضو الميثاق الوطني إلى أنه بلا شك هناك ضعف موجود في البنية الأساسية للتنظيم في الأشهر الأخيرة، بسبب صعوبة اختيار اسم بارز لقيادته بعد مقتل البغدادي، وهذا يمكن أن يساهم بإعادة ترتيب صفوف التنظيم، في الوقت الذي يقابله رفض شعبي واضح في عموم العراق وسوريا، وأيضا ينطبق هذا على الميليشيات الطائفية المدعومة من إيران.
تغيير القيادات
بدوره، يقول الدكتور حسام شعيب، الخبير السوري المتخصص في التنظيمات المسلحة، إن تراجع عمليات تنظيم داعش الإرهابي في الآونة الأخيرة وخصوصا الأشهر الأولى من العام الحالي، يعود إلى تغير قيادات التنظيم أكثر من مرة، نتيجة استهدافهم وقتلهم من جانب التحالف الدولي، علاوة على أن تحركات التنظيم باتت مكشوفة جدا في ظل سيطرة القوى العسكرية الميدانية على الأرض، بعد تحرير الكثير من المناطق و خصوصًا الحدودية بين سوريا والعراق.
وأضاف، في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "وجود الجيش العراقي ووجود الجيش السوري وحلفائهم على الأرض، هذا الأمر بلا شك أدى إلى تقييد حركة التنظيم، في المقابل نجد أن العمليات التي يقوم بها التنظيم بين حين وآخر، هى ليست مواجهات عسكرية تقليدية، والتي كنا نشهدها في السنوات الماضية، واستعراض قوة التنظيم العسكرية الحقيقية والمنظمة".
الدنمارك تسحب عسكرييها من سوريا والعراق لمواجهة التهديدات على حدودها
عمليات فردية
وأشار شعيب إلى أن العمليات الأخيرة للتنظيم أصبحت إجراءاتها هى العمل على تنفيذ عمليات اغتيالات فردية ومحاولات قنص لأشخاص أو قيادات من الجيش العربي السوري أو العراقي، لكن حتى اللحظة لم تعلن واشنطن بشكل نهائى القضاء على التنظيم أو موته الحقيقي في سوريا والعراق، لذا فإن مسألة بقاء التنظيم لا تزال موجودة مبعثرة ومتفرقة ومنتشرة على مناطق الحدود العراقية السورية وفي مناطق داخلية.
ولفت خبير التنظيمات المسلحة إلى أن واشنطن قد لا تريد القضاء على التنظيم، بل المحافظة عليه واستثماره في ظل علاقات تجارية واجتماعية بين سوريا والعراق والانفتاح العربي وإن كان خجولا على دمشق، لكن المهم أن عمليات تسلح التنظيم بالأسلحة الثقيلة لم نعد نشهدها، لكن هذا لا يعني عدم وجودها نهائيا، فقد تكون في مخازن وملاجئ في العديد من المناطق.
وأعلن العراق، في كانون الأول/ ديسمبر 2017، تحرير كامل أراضيه من قبضة تنظيم "داعش" بعد نحو 3 سنوات ونصف من المواجهات مع التنظيم الإرهابي الذي احتل نحو ثلث البلاد، معلنا إقامة ما أسماها "الخلافة الإسلامية"، لكن القوات الأمنية العراقية لا تزال تلاحق فلول التنظيم التي تحاول تنفيذ عمليات إرهابية في مناطق مختلفة من البلاد.
مناقشة