القمة الصينية السورية... أبعاد سياسية ومكاسب اقتصادية

في خطوة وصفها المراقبون بالاستراتيجية على المستوى السياسي والاقتصادي، يبدأ الرئيس السوري بشار الأسد، زيارة إلى بكين تلبية لدعوة رسمية من الرئيس الصيني، شي جين بينغ.
Sputnik
وأعلنت الرئاسة السورية عن زيارة مرتقبة للرئيس الأسد وعقيلته أسماء الأسد، إلى الصين، إذ من المقرر أن يعقد الرئيسان الأسد وجين بينغ، قمة سورية - صينية.
ووفقا للرئاسة السورية، تشمل الزيارة عددًا من اللقاءات والفعاليات، التي سيجريها الرئيس الأسد والسيدة عقيلته، في مدينتي خانجو والعاصمة بكين، فيما يرافق الأسد وفد سياسي واقتصادي.
الرئيس السوري يتوجه إلى الصين بزيارة رسمية
وقال مراقبان للزيارة إن "زيارة الأسد لبكين تأتي في توقيت مهم، حيث تقلل الضغوط الأمريكية والأوروبية على الاقتصاد السوري، وتؤسس لعالم متعدد الأقطاب".
تأثيرات سياسية عالمية
قال تشاو تشي جيون، محلل صيني وخبير في الشؤون الآسيوية، إنه "من المقرر أن يزور الأسد الصين، بدءًا من غد الخميس، حيث سيعقد قمة سورية - صينية مع القادة الصينيين، كما يحضر الرئيس الأسد، دورة الألعاب الآسيوية في مدينة خانجو"، معتبرًا أن "هذه الزيارة والإجراءات اللاحقة سيكون لها تأثير كبير على الأوضاع الجيوسياسية في الشرق الأوسط".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، أضاف تشي جيون، قائلا: "من منظور المشهد الاستراتيجي العالمي، يمكن اعتبار زيارة الأسد للصين، بمثابة خطوة كبيرة من جانب بكين ودمشق، لاختراق الاحتواء الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، حيث جمعت واشنطن مجموعة من "الحلفاء" لاحتواء وقمع روسيا في أوروبا وقمع الصين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وقد عززت الصين وروسيا التنسيق الاستراتيجي، كما اختارتا اتجاهين لكسر هذا الوضع".
ومضى، قائلا: "الأول هو شمال شرق آسيا، حيث اختتم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، زيارته لروسيا، فيما ستجري روسيا وكوريا الشمالية، تعاونا شاملا، مع التركيز بشكل رئيسي على المجالات العسكرية والعلوم والتكنولوجيا والغذاء وغيرها من المجالات، وأرسلت موسكو، بوضوح إشارة لتوفير ضمانات أمنية لكوريا الشمالية، ورغم أن الصين، لم تشارك بشكل مباشر في هذه المحادثات، فإنها أعلنت أيضا عن موقفها المتمثل في حماية السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية".
الصين: عودة سوريا للجامعة العربية تظهر أنه عندما ينكمش ظل أمريكا ينتشر نور السلام
وأردف تشي جيون، بالقول: "أما الاتجاه الثاني، موجه نحو الشرق الأوسط، وكانت سوريا، منذ فترة طويلة الشريك الاستراتيجي المهم لروسيا في الشرق الأوسط، وميناء طرطوس السوري هو أهم قاعدة بحرية للبحرية الروسية في البحر المتوسط. وفي الوقت الحالي، تستغل الولايات المتحدة الأمريكية، وحلفاؤها "القوة الروسية المحاصرة في أوكرانيا"، ويواصلون القيام باستفزازات ضد الجيش الروسي في سوريا".
ويرى تشي جيون، أن "دعوة بكين للرئيس الأسد بزيارة الصين، ينبع من موقفها الداعم لسوريا في حماية سيادتها وسلامة أراضيها، حيث أن التعاون بين الصين وروسيا وسوريا في الشرق الأوسط، يعزز بشكل أكثر فعالية استعادة السلام في المنطقة ويضعها على مسار التنمية الصحيح. علاوة على ذلك، من الممكن الجمع بين مبادرة "الحزام والطريق" الصينية واستراتيجية التنمية الروسية جنوبا في الشرق الأوسط، لتشكيل قناة رئيسية جديدة للاتصال مع أفريقيا والبحر المتوسط وأوروبا".
وقال إن "نجاح الوساطة الصينية لإعادة العلاقة بين السعودية وإيران هذا العام، دفعت الجامعة العربية إلى السماح لسوريا، بالعودة للجامعة العربية، وهذا يعني أن المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط، بدأ يشهد تغيرات كبيرة، والعلاقة الاستراتيجية التي كانت تسيطر عليها الولايات المتحدة في الأصل تفككت تماما"، مؤكدًا على أن "زيارة الرئيس الأسد للصين ستدفع هذه التغييرات إلى مستوى جديد".
الخارجية الصينية تطالب الولايات المتحدة بسحب قواتها الموجودة في سوريا
وأشار الباحث الصيني إلى أن "زيارة الرئيس السوري بشار الأسد، إلى الصين والقمة بين البلدين من شأنها أن تساعد سوريا والصين وروسيا، على اختراق الحصار الذي نسجته الولايات المتحدة وحلفاؤها، وفتح قنوات استراتيجية جديدة للتجارة والطاقة والغذاء وغيرها".
مواجهة الضغوط الأمريكية
بدوره اعتبر علاء الأصفري، المحلل السياسي السوري، أن "القمة الصينية - السورية، تأتي في توقيت مهم وحساس، حيث تعاني دمشق من ضغوط اقتصادية هائلة جدًا بسبب العقوبات الأمريكية والغربية غير الإنسانية، فيما تتعرض الصين لحجم كبير من الكراهية والضغط الإعلامي الغربي عليها، وكذلك عقوبات لشركات صينية تتعامل مع روسيا وسوريا وإيران".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، أضاف الأصفري: "هذا الضغط العالمي تقوم به واشنطن ودول أوروبا باستخدام سياسة الدولار من أجل إفقار الشعوب، بيد أن دول الـ"بريكس" مع روسيا والصين، سوف تحقق الآن قفزة كبيرة في عالم الاقتصاد، وتصبح مجموعة قوية ومستقلة، وسوف تتوج قريبًا بعملتها الخاصة، والتي سوف تنهي إلى حد كبير التعامل بالدولار بين الدول المشاركة".
الصين تقدم "حيا من المنازل مسبقة الصنع" لإسكان متضرري الزلزال في سوريا
وأوضح الأصفري أن "زيارة الأسد للصين مهمة، حيث تأمل دمشق من بكين، أن تشارك في عملية إعادة الإعمار"، معتبرًا أن "الضغوط الاقتصادية التي تعاني منها سوريا، لا يمكن الخروج منها سوى عبر شراكات حقيقية مع سوريا، وفي العديد من المجالات المهمة".
ويرى الأصفري أن "الزيارة تؤكد بأن العالم يتجه لفك الضغط الأمريكي غير الإنساني والذي يستخدم السلاح الاقتصادي لفرض أجندته على دول العالم، حيث ترفض روسيا والصين ودول الـ"بريكس" وإيران هذه الضغوط، وتتجه بالعالم إلى ثنائية قطبية عادلة إلى حد كبير".
ويعتقد الأصفري أن "أي تشبيك بالعلاقات الاقتصادية بين دمشق وبكين، مفيد في إنقاذ الاقتصاد السوري من الضغوط الغربية، والتي تتمثل في التضخم والركود، حيث يمكن أن تشكل الصين علامة فارقة بالاقتصاد السوري، بدون أن تمس بسيادة دمشق أو تفرض عليها أجندات خاصة كما تريد أمريكا والغرب".
وتجمع الصين مع سوريا علاقات قوية، وكانت بكين من أوائل الدول التي رحبت بعودة دمشق إلى الجامعة العربية، ووصفت هذه الخطوة بـ"التصحيح السياسي" للمسار الأمريكي الملتوي لتغيير الأنظمة في البلدان الأخرى.
مناقشة