ماذا يجري خلف الكواليس في القرن الأفريقي.. إثيوبيا تصل إلى البحر الأحمر بالاتفاق مع "صوماليلاند"

بعد توقيع مذكرة التفاهم بين إثيوبيا و"صوماليلاند" تصاعدت نبرة التوتر بين الولاية التي تسعى للانفصال والحكومة الاتحادية في العاصمة الصومالية مقديشيو.
Sputnik
واعتبرته الحكومة انتهاكا صارخا لسيادتها الوطنية وتهديدا لعلاقات حسن الجوار، والتعايش السلمي، واستقرار المنطقة التي تعاني أصلا من مشكلات أخرى، كما ترى الحكومة أن تلك الخطوة تشكل تدخلا سافرا في الشأن الداخلي الصومالي واعتداء صارخا على سيادة الدولة الصومالية ووحدة أراضيها.
هل يشهد الصومال توترات جديدة مع صوماليلاند ودول الجوار في ظل صراعاته الحالية مع "حركة الشباب" والصراعات السياسية الأخرى؟
الصومال تستدعي سفيرها لدى إثيوبيا للتشاور وتتهم أديس أبابا بانتهاك سيادتها الإقليمية
بداية يقول عمر محمد، المحلل السياسي الصومالي، إن مذكرة التفاهم الموقعة في أديس أبابا أمس الاثنين، بين كل من آبي أحمد، رئيس وزراء إثيوبيا، وموسى بيحي عبده، رئيس إدارة صوماليلاند الانفصالية، بشأن تحقيق التطلعات الإثيوبية نحو الوصول إلى البحر الأحمر، قد أثارت جدلا واسعا في الأوساط السياسية والشعبية الصومالية.
بطلان الاتفاق
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، اتخذت الحكومة الفيدرالية الصومالية الاتحادية من هذا الإجراء موقفا حازما، رفضت صحة هذه الاتفاقية لافتقادها إلى الشرعية وإلى السند القانوني، حسبما جاء في بيان صادر عن المجلس الوزاري الصومالي، الذي أعلن أن الحكومة الصومالية تستدعي سفيرها لدى إثيوبيا للتشاور، وتتبع جميع الطرق القانونية والقنوات الشرعية للدفاع عن السيادة الوطنية ووحدة أراضي الدولة الصومالية، التي لا تقبل المساس بها أو تجزئتها وفق ما تنصه الفقرة الثانية من المادة السابعة في الدستور الصومالي المؤقت، وهو ما أكد عليه الرئيس الصومالي في خطابه اليوم أمام مجلسي الشعب والشيوخ بالبرلمان الفيدرالي الصومالي.
وقال محمد إنه لا شك إن هذه الخطوة سيكون لها تداعياتها على الصومال وعلى المنطقة كلها، وهو ما ألمح إليه الرئيس الصومالي في خطابه اليوم أمام البرلمان، حيث ذكر أنه كان من بين نتائج تدخلات مليس زيناوي، رئيس وزراء إثيوبيا السابق في الصومال ظهور حركة الشباب المرتبطة بتنظيم "القاعدة" (تنظيم إرهابي محظور في روسيا ودول عديدة)، وهنا أشار الرئيس الصومالي إلى أن هذه الخطوة قد تهيئ الأرضية المناسبة لتجنيد شباب جدد تحت شعارات وطنية ورايات جهادية، قد تؤثر على أمن المنطقة.
تطلعات إثيوبية
وتابع المحلل السياسي، ربما ترغب إثيوبيا من وراء تلك الخطوة جس نبض الشارع الصومالي، والتمهيد لتنفيذ أطماعها القديمة والحديثة نحو ضرورة حصولها على منفذ بحري تمتلكه وتديره الدولة الإثيوبية التي جهزت جيشا كبيرا من البحرية العسكرية رغم أنها دولة حبيسة في القرن الأفريقي.
مذكرة تفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال تثير مخاوف مقديشو
وأشار محمد إلى أن تلك الخطوة قد تؤثر على العلاقات الهشة بين الصومال وإثيوبيا، والمتسمة بالحذر والترقب، نظرا لأن سجل العلاقات التاريخية بين البلدين مليء بالعنف والحروب المستمرة على أسس دينية أو قومية أو اقتصادية.
ونوه محمد إلى أن هذه الخطوة قد تعرقل سير محادثات تقرير المصير بين الحكومة الصومالية وإدارة صوماليلاند التي استؤنفت قبل أيام في جمهورية جيبوتي الشقيقة.
ويعتقد المحلل السياسي أن آبي أحمد يطمح من خلال تلك الخطوة إلى الهروب من الفشل الداخلي والضغوط التي تواجهه، حيث تشهد مناطق متفرقة من إثيوبيا تمردا مسلحا ضد الحكومة الفيدرالية الإثيوبية.
تجارب تاريخية
وشدد محمد على أنه رغم حالة الضعف التي يعيشها الصومال حاليا، إلا أن التجارب التاريخية أثبتت أن الشعب الصومالي مهما كان ممزقا ومقسما، فإنه يتحد في وجه أي خطر حقيقي يهدد مستقبله ووجوده، وتجلى ذلك في انطباعات القادة السياسيين الصوماليين وقطاع عريض من الشعب الصومالي، في تعاطيه مع هذه القضية المستجدة والمهددة لسيادة الدولة ووحدة أراضيها.
خلط الأوراق
في المقابل يقول ياسين أحمد، رئيس "المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية"، إنه "في تقديري أن مذكرة التفاهم وقعت بين إثيوبيا وأرض الصومال (صوماليلاند) حول حصول إثيوبيا على منفذ بحري وكذلك على قاعدة عسكرية في أرض الصومال، أعتقد أن هذا الأمر يأتي في إطار صفقة بين إثيوبيا وأرض الصومال، وأن هناك صفقة حصلت من خلف الكواليس، وقد تكون هناك تفاهمات أمريكا وإثيوبيا من جهة وجمهورية الصومال من جهة أخرى".
وقال في حديثه لـ"سبوتنيك"، إنه "قبل الإعلان عن مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال بخمسة أيام كانت هناك مذكرة تفاهم تم توقيعها بين جمهورية الصومال وأرض الصومال في جيبوتي، حول بدء الحوار من أجل وحدة بين أرض الصومال وجمهورية الصومال".
قوات مناهضة لـ"أرض الصومال" تعلن سيطرتها على إقليم صول إثر اشتباكات
ويكمل: "أعتقد أن تلك التحركات لها ارتباط بالنفوذ والصراع والتنافس بين القوى الدولية في على المناطق الاستراتيجية في القرن الأفريقي والبحر الأحمر والمساعي الأمريكية المرتبطة بتأمين الملاحة البحرية".
خلف الكواليس
تابع ياسين، تأتي أهمية دول القرن الأفريقي المطلة على البحر الأحمر من المواقع الاستراتيجية التي تشغلها، لذا سعت إثيوبيا لإيجاد ميناء لها على البحر الأحمر ونظرا لوجود بعض التوترات غير المعلنة في العلاقات مع إريتريا، ومن وجهه نظري، أن الحكومة الإثيوبية أن أخف الضررين لوجود ميناء لإثيوبيا على البحر الأحمر مع أرض الصومال رغم أنها دولة ليست مستقلة، لكن أديس أبابا أعلنت أنها على استعداد للاعتراف بأرض الصومال في الوقت المناسب.
وأضاف أحمد، لو طالعنا تحركات كل من الصومال وإثيوبيا وأرض الصومال فيما يتعلق بالبحر الأحمر، يبدو أن هناك ترتيبات تجري خلف الكواليس، وهناك صفقة برعاية أمريكية إماراتية وبعض القوى الحليفة لأمريكا لتعزيز المصالح الأمريكية والغربية والتنافس الدولي على المنطقة والذي زادت أهميته مع الحرب في غزة.
"ميرسك" تعلق حركة سفنها في البحر الأحمر إلى أجل غير مسمى
استدعت الصومال، اليوم الثلاثاء، "سفيرها لدى أثيوبيا، للتشاور في أعقاب مذكرة التفاهم التي تم توقيعها، أمس الاثنين، بين إثيوبيا وجمهورية صوماليلاند (أرض الصومال) الانفصالية بشأن ميناء البحر الأحمر".
وأفادت وكالة الأنباء الصومالية "سونا"، بأن "مجلس الوزراء، برئاسة رئيس الوزراء، حمزة عبدي بري، عقد اجتماعا استثنائيا، ووصف انتهاك إثيوبيا الإقليمي في الصومال بأنه غير قانوني".
وأعرب عبدي بري عن تصميمه على حماية السيادة الصومالية، وقال إنه "لا يمكن لأحد أن ينتهك أي جزء من أراضي الصومال أو بحرها أو جوها"، بحسب الوكالة الرسمية.
في هذه الأثناء، أعلنت الوكالة الصومالية أن "الرئيس حسن شيخ محمود، سيلقي في وقت لاحق من اليوم، خطابا موجها للأمة أمام غرفتي البرلمان، لتناول آخر المستجدات في الأوضاع السياسية والاقتصادية بما في ذلك الاتفاقية المزعومة بين إدارة أرض الصومال، ودولة إثيوبيا بشأن استخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر".
وأصدر المجلس الوزاري الصومالي قرارا يلغي مذكرة التفاهم الموقعة بين إثيوبيا وصوماليلاند بشأن تحقيق التطلعات الإثيوبية نحو الوصول إلى البحر الأحمر، وترفض من خلاله الحكومة الفيدرالية الصومالية بشدة مذكرة التفاهم والتعاون بين إثيوبيا وصوماليلاند التي هي جزء من الصومال وفق القوانين المحلية والأعراف الدولية والإقليمية.
وتعتبر الدولة الصومالية هذه الخطوة انتهاكا صارخا لسيادتها الوطنية وتهديد لعلاقات حسن الجوار، والتعايش السلمي، واستقرار المنطقة التي تعاني أصلا من مشكلات أخرى، كما أنها تشكل تدخلا سافرا في الشأن الداخلي الصومالي واعتداء صارخا على سيادة الدولة الصومالية ووحدة أراضيها.
السفارة الأمريكية في الصومال تقول إن خسائر "حركة الشباب" في أرض المعركة تدفعها إلى مهاجمة الأبرياء
ووقعت إثيوبيا وجمهورية صوماليلاند (أرض الصومال) الانفصالية، مذكرة تفاهم تاريخية في أديس أبابا، ما أثار مخاوف مقديشو، التي يعقد مجلس وزرائها، اليوم الثلاثاء، اجتماعا طارئا.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، إن "مذكرة التفاهم للشراكة والتعاون بين إثيوبيا وأرض الصومال، تهدف إلى أن تكون بمثابة إطار للشراكة المتعددة القطاعات بين الجانبين".
وبحسب ما نقلته وكالة الأنباء الإثيوبية (إينا)، عن مكتب آبي أحمد، فإن "مذكرة التفاهم ستمهد الطريق لتحقيق تطلعات إثيوبيا في تأمين الوصول إلى البحر وتنويع وصولها إلى المواني البحرية، كما أنها ستعزز الشراكة الأمنية والاقتصادية والسياسية بينهما".
وأشار إلى أن "مذكرة التفاهم تؤكد من جديد الموقف المبدئي للحكومة الإثيوبية المتمثل في تعزيز المصالح المتبادلة من خلال التعاون على أساس المعاملة بالمثل".
وتأتي مذكرة التفاهم بـ"بفصل جديد من التعاون ولها أهمية كبيرة للتكامل الإقليمي في القرن الأفريقي، كما أنها تمكن إثيوبيا من تعزيز دورها في الحفاظ على السلام والأمن الإقليميين"، وفق ذات المصدر.
وفي عام 1991، أعلنت منطقة أرض الصومال، المطلة على خليج عدن، انفصالها عن الصومال من جانب واحد، لكنها لم تحصل على اعتراف دولي بهذه الخطوة.
مناقشة