وأعلن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، أمس الأربعاء، أن بلاده تعارض مواصلة تركيا هجماتها العسكرية في شمال غرب سوريا، رغم اعتراف واشنطن بحق أنقرة في الدفاع عن نفسها.
وبعد إعلان الموقف الأمريكي، أكد الخبراء أن تركيا لم تنجح في الحصول على ضوء أخضر دولي للقيام بهذه العملية، وأن الحديث المتكرر مجرد تصريحات سياسية وإعلامية، أما على الأرض الواقع فلا يوجد أي استعدادات قائمة.
اعتبر عمر رحمون، المحلل السياسي السوري، أن
تركيا توعدت أكثر من مرة خلال العام الحالي بشن عملية عسكرية برية في سوريا، إلا أنها حتى الآن لم تستطع الحصول على الإذن الكامل، سواء من الولايات المتحدة الأمريكية أو من اللاعبين الدوليين والإقليميين الأساسيين في دمشق.
وحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هناك فارق بين الخطاب الإعلامي والتحرك على الأرض؛ الأول يعكس التصريحات التي يطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن بدء عملية عسكرية، لكن في أرض الواقع كل المعلومات تستبعد القيام بعمل عسكري تركي، لا سيما بعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية رفضها لهذا التحرك ضرب العملية التركية برمتها وقضى عليها، أو ربما أجلها.
ولفت إلى أن هذه المعركة قائمة فقط في مخيلة الرئيس أردوغان وتصريحاته السياسية وعبر وسائل الإعلام، أما في سوريا لا يوجد أي تحرك عسكري أو حشد للعناصر المقاتلة، أو نقل للأسلحة، أو حتى رفع الجاهزية العسكرية، باستثناء العمليات الجوية والضربات التي تنفذها أنقرة من حين لآخر هناك.
وأشار إلى أن أنقرة لم تحصل على موافقة أمريكية كاملة لحد اللحظة، ولم تستطع تنفيذ كل ظروف وشروط إطلاق هذه العملية، وليس هناك أي وقت محتمل لنجاحها بإطلاقها في الوقت الراهن.
بدوره اعتبر العميد عبد الحميد سلهب، الخبير
العسكري والاستراتيجي السوري، أن الرفض الأمريكي للعملية العسكرية التركية في سوريا كان متوقعًا، من أجل حماية "قسد" باعتبارها زمرة منفصلة تهدف إلى إقامة كيان كردي على الأراضي السورية على غرار إسرائيل، وهي ترتبط مع المخابرات الأمريكية، والرفض ليس من أجل التعاون مع الدولة السورية.
ووفق حديثه لـ "سبوتنيك"، رغم الرفض الأمريكي والدولي، تعول أنقرة على الظروف الصعبة التي تمر بها سوريا نتيجة حرب على مدار 10 سنوات عصفت بالدولة، وتعول كذلك على الإرهابيين في إدلب وشمال سوريا من جبهة النصرة وكافة الفصائل، وعلى قوتها الذاتية وبعض القوى التي تنتهج نهجها العدواني.
ولفت إلى أن الدولة سوريا عززت مواقعها العسكرية في الشمال السوري، لا سيما في تل رفعت وغيرها من المناطق المهددة بالغزو التركي، ومعها فصائل المقاومة التي تدعم الجيش السوري.
وكان المحلل السياسي التركي، جواد كوك، قد أكد في تصريحات سابقة لـ "سبوتنيك" أن القصف التركي لسوريا وبعض المناطق في العراق ضد قوات قسد والأكراد، ورغم التهديدات الرسمية الأخيرة، لا يمكن أن يصل إلى عملية برية شاملة شمالي سوريا.
وأوضح أن أنقرة تحاول مواصلة الضغط على قوات قسد، لكن لا يزال هناك تفاهما بين الجانبين، والتنسيق بين الاستخبارات التركية والاستخبارات السورية في هذا الخصوص مستمر حتى اللحظة.
ويرى أنه رغم القصف التركي، تحدث الرئيس رجب طيب أردوغان عن احتمال لقاء الرئيس السوري بشار الأسد، مراعاة للمصالح السياسية بين البلدين، مستبعدا أن يرجع البلدان إلى نقطة الصفر، أو يتخط أي منهما نقاط التفاهم التي وصلا إليها، والطرفان يعلمان جيدًا أهمية أن يكون هناك تطبيع بين أنقرة ودمشق.
وقال جون كيربي في مؤتمر صحفي: "لا نريد عمليات عسكرية في شمال غرب سوريا، حيث أنها ستعرض المدنيين لخطر أكبر مما هم عليه بالفعل وتهدد جنودنا وأفرادنا في سوريا وكذلك مهمتنا في مكافحة تنظيم داعش"، مؤكدا أن الولايات المتحدة تقر بحق تركيا في الدفاع عن نفسها، وخاصة ضد الإرهاب.
وأعرب كيربي عن تقديره لحجم الخطر الذي يتعرض له الشعب التركي لكنه قال في الوقت ذاته، "لا نعتقد أن فكرة العمليات العسكرية في شمال غرب سوريا هي أفضل وسيلة لمواجهة ذلك الخطر".
وأضاف أكار أن تركيا طلبت في المقابل من الولايات المتحدة "الالتزام بتعهداتها"، داعيا واشنطن إلى "تفهم الوضع" فيما يتعلق بسوريا.
وتواصل القوات التركية، منذ 20 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، شن هجمات صاروخية ومدفعية، بإسناد جوي في شمال سوريا، تستهدف الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا؛ إلى
جانب الإعلان عن ضربات على مدينة عين العرب (كوباني)، وكذلك في شمال العراق.
وبينما تقول أنقرة إن تواجدها في سوريا يهدف إلى منع التهديد من الفصائل الكردية لها؛ تؤكد دمشق أن التواجد التركي في البلاد هو احتلال.