خبراء عن مرحلة ما بعد استهداف جسر القرم... روسيا هي من يحدد

أكد خبراء سياسيون أن ما بعد استهداف جسر القرم يعد مرحلة مختلفة تماما عما قبلها، لافتين إلى أن روسيا هي من بيدها زمام الأمور وهي من سيحدد طبيعة تلك المرحلة.
Sputnik
وأوضحوا أن الضربات على العاصمة كييف، تعد أحد الوسائل التي تمتلكها روسيا ردا على العمل الإرهابي بتفجير الجسر، والذي اعتبروه تخطيا لكل الخطوط الحمراء في الصراعات العسكرية؛ لأنه بحسبهم يساوي تدميرا للبنية التحتية في العاصمة الأوكرانية، وهو ما لم تقدم عليه موسكو.
بوتين يحمل المخابرات الأوكرانية مسؤولية تفجير جسر القرم
حزم كبير
فمن جهته قال الباحث في الشأن الروسي د. سليم علي، إن الضربات التي نفذت اليوم في كييف وما يجري الآن هو "رد على العمل الإرهابي، الذي استهدف جسر القرم، وسبق أن حذرت روسيا من أن أي عمل من هذا النوع سوف يستدعي ردا قاسيا، وأعتقد أننا دخلنا الآن في مرحلة تستدعى أن تظهر القيادة الروسية حزما كبيرا، وردا على كل العمليات التي تستهدف البنى التحتيى المدنية".
وأشار إلى أن "الجانب الأوكراني بدأ باستهداف أشخاص، ثم استهدف بنى الطاقة في خطوط نورد ستريم، وقد تحلت القيادة الروسية بصبر شديد حيال هذه الأعمال، لكن محاولة تدمير منشأة مهمة استراتيجية استدعت ردا شديدا، وسوف تظهر الآن القيادة الروسية حزما بشأن أي استهداف للبنى التحتية".

وأكد الباحث أن "قدرات روسيا هائلة، ولم تستخدم بعد جزءً ضئيلًا من قوتها، لكن يبدو أن النجاحات التي حققها زيلينسكي مؤخرا أعمته، إلا أن الجانب الروسي لن يتهاون من الآن مع هذه الأعمال، وسيكون هناك رد لكل استخدام لأعمال من هذا النوع، وهذا ينقل المرحلة من عملية خاصة إلى الدخول بشكل عملي في حالة حرب مفتوحة ضد كل البني التي تساعد الماكينة العسكرية الأوكرانية وتدعمها".

وأوضح علي أن "القرار قد اتخذ الآن، بعد انتهاء التحقيقات والإعلان عن نتائجها وتحديد الجهة المتهمة، وأصبحنا أمام مرحلة جديدة، تتسم بحزم روسي، وقد نشهد تصاعد في العمليات العسكرية".
تجاوز للخطوط الحمراء
أما رئيس قسم العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي في مركز جنيف للدراسات ناصر زهير، فأكد أن "قرار زيلينسكي باستهداف جسر القرم كان خطأ، ربما تجاوز فيه كل الخطوط الحمراء".
خبراء: تفجير جسر القرم يفتح "صندوق باندورا"
وعلل زهير رؤيته، قائلا: "لأنه يعتبر عملا عدائيا فوق العادة في إطار العمليات التخريبية"، مشبها محاولة تدمير جسر القرم بـ "تدمير كل البنى التحتية في كييف وهذا ما لم تفعله روسيا، حيث عادة ماتكون هناك خطوط حمراء في العمليات العسكرية تلتزم بها الأطراف، والأخطر أيضا أنه تم ربط استهداف الجسر باستهداف خطوط الطاقة، وهذا يتسبب في أزمة ليس فقط مع روسيا وإنما مع دول حليفة مثل ألمانيا".
وتوقع رئيس قسم العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي في مركز جنيف للدراسات أن "زيلينسكي ربما اتخذ قرار استهداف جسر القرم بشكل فردي، حيث إن واشنطن لن تذهب لمثل هذا التصعيد، لأنها تدرك أن الرد الروسي سيكون كبيرا ضد كييف، وفي إطار العمليات العسكرية لا أحد يريد أن تتحول إلى حرب شاملة".
توريط للاتحاد الأوروبي
وأكد زهير أن تصرفات الجانب الأوكراني "تورط الاتحاد الأوروبي في أزمات لا يريدها، خاصة إذا دخلنا في مراحل استهداف البنى التحتية، وهي أخطر من الحروب العسكرية، وهنا ستكون الأزمة كبرى، ولا يريد الاتحاد الأوروبي أن يذهب إلى هذا، لكن من غير الوارد استبدال زيلنسكي في هذا التوقيت، لأن الولايات المتحدة حولته إلى أيقونة في هذه الأزمة، وسيعني تغييره الآن إشارة إلى تحول كامل في السياسية تجاه هذه الأزمة".
وحول التناقضات بين البنتاغون والبيت الأبيض قال الخبير إن "قادة البنتاغون يدركون أنهم لا يرديون الذهاب إلى حرب شاملة على الأقل في الوقت الحالي، وإذا بلغنا الحرب الشاملة لن يتدخل الناتو، نعم ما زلنا في مرحة العملية لكن إذا تحولت إلى حرب لن يتدخل الناتو إلا إذا تم استخدام أسلحة نووية تكتيكية وهذا مستبعد".
البنتاغون يمتنع عن التعليق على تفجير جسر القرم
واستدرك مؤكدا أن "قادة البنتاغون يخشون أن تعود الضربات إلى كييف وكامل المناطق الأوكرانيه، عندها سيكون الجيش الأمريكي في حرج كامل، لذلك هناك خلافات بين الجيش الأمريكي وزلينسكي، لكن الإدارة الأمريكية مازالت مرتاحة للعمل معه إلا إذا ارتكب خطأ فادحا آخر".
ملامح الفترة المقبلة
وحول ملامح الفترة المقبلة وما يمكن أن تشهده من تحولات، قال خبير الشؤون الأمريكية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية د.احمد سيد، إن "الضربات العسكرية لكييف تظهر أن هناك تحولا نوعيا في العملية بعد محاولة تفجير جسر القرم، وتعني أن روسيا ستتجه لتوسيع العمليات لشل قدرات الجيش الأوكراني، وستكون الفترة المقبلة مهمة وحاسمة في فرض موازين القوة على الأرض وبالتالي رسم ملامح التسوية، وأعتقد أن روسيا هي صاحبة الزمام في إدارة الصراع خلال الفترة المقبلة".
وحول تصريحات منسق الأمن القومي الأمريكي بشأن التفاوض،~ قال الخبير إنها "تعكس حالة من التناقض والتخبط في السياسية الأمريكية، بين الرغبة في إنهاء الأزمة وبدء التفاوض مع روسيا، وفي نفس الوقت الاستمرار في استراتيجية إطالة أمد الأزمة من خلال إمداد اوكرانيا بأسلحة متطورة بغية العمل على تعديل موزاين القوة، وبالتالي استمرار الأزمة بلا حدود".

وأرجع الباحث هذا التناقض إلى "التباين بين أجنحة الإدارة الأمريكية ما بين اتجاه متشدد، يريد استمرار الأزمة من خلال العقوبات وإمداد أوكرانيا بالسلاح، واتجاه آخر يري أن هذه السياسة تزيد التداعيات السلبية، ولا يمكن الانتصار في معركة مع روسيا الدولة العظمى، ويعتبرون أن الرهان على دعم أوكرانيا ربما يكون خاسرا".

وأوضح الباحث في الشؤون الأمريكية أن "هذه الدعوات الأمريكية للتفاوض، وهذه الإشارات، لم تترجم على أرض الواقع إلى خطوات ملموسة مثل وقف الدعم لأوكرانيا، أو التعبير عن تفهم مطالب روسيا في حماية الأمن القومي، أو التوقف عن سياسة استفزاز روسيا، وحتى الآن لم تقدم أمريكا على إجراء يعطي الانطباع بأن لديها رغبة حقيقية في الدخول لمفاوضات".
وأشار إلى أن "هناك ضغوط شديدة على الإدارة الأمريكية بشأن سياساتها تجاه هذه الأزمة التي أدت إلى نتائج عكسية على الاقتصاد والمواطن الأمريكي" واعتبر أن "هذه الاشارات للمواطن الأمريكي تأتي في سياق الاعتبارات الانتخابية فحسب، حيث إن هناك توجها لدي الديمقراطيين باستمرار معاداة روسيا".
طالع أيضا: هل تجني أوكرانيا على نفسها باستهداف جسر القرم بعمل إرهابي جبان؟
مناقشة