"أفسد مناورة واشنطن".. ما الذي يعنيه الخفض الطوعي لإنتاج النفط

خسرت واشنطن جولات عدة على مدار عام في المواجهة التي تحاول إدارتها مع "أوبك بلس" منذ بداية الأزمة الأوكرانية، إذ فشلت جهودها بالضغط على دول الخليج لزيادة الإنتاج، وكذلك لم تثمر مساعيهما في الجزائر وليبيا عن نتائج مهمة.
Sputnik
بالأمس القريب، قررت السعودية والإمارات والكويت بشكل منسق خفض إنتاجها اليومي بإجمالي 772 ألف برميل يوميا، ابتداء من أيار/ مايو المقبل حتى نهاية العام الحالي، كما اتخذ العراق الخطوة نفسها، وأعلنت الجزائر خفضا "طوعيا" مقداره 48 ألف برميل يوميا في الإطار الزمني نفسه.
الولايات المتحدة تعتبر قرار "أوبك +" بخفض إنتاج النفط "غير منطقي"
وفق الخبراء، فإن الخفض الطوعي الذي اتجهت له دول "أوبك بلس" يعد مواجهة لمحاولة الولايات المتحدة إغراق الأسواق بضخ كميات إضافية تصل لنحو مليون ونصف البرميل يوميا، تهدف لخفض الأسعار، من أجل زيادة الدعم الحربي لأوكرانيا.
يضاف الخفض الطوعي الجديد للقرار السابق الذي أعلنته (أوبك بلس) في أكتوبر/ تشرين الأول 2022 والذي يقضي بخفض مليوني برميل يوميا حتى نهاية عام 2023.
تناقض أمريكي
يبدو أن الإدارة الأمريكية التي حاولت إغراق الأسواق بكميات إضافية، لم يرق ما اتخذته الدول المنتجة للنفط من أجل الحفاظ على الأسعار، التي حاولت واشنطن الضغط عليها، إذ قالت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إن التخفيضات المفاجئة في إنتاج النفط التي أعلنتها السعودية ودول أخرى في "أوبك+" اليوم الأحد "غير منطقية".

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي: "لا نعتقد بأن التخفيضات منطقية في هذا التوقيت بالنظر إلى حالة عدم اليقين التي تكتنف السوق، وقد أوضحنا ذلك".

في إطار مناوراتها للضغط على "أوبك" من ناحية والسعي لخفض الأسعار للمساهمة في دعم أوروبا لأوكرانيا، اضطر بايدن لضخ نحو ثلث المخزون الاستراتيجي النفطي، وهي خطوة لم يسبقه إليها أي من الرؤساء السابقين منذ 38عاما.
يقول المهندس والخبير النفطي العراقي حمزة الجواهري، إن المواجهة بين الولايات المتحدة الأمريكية و"أوبك بلس"، بشأن النفط مستمرة منذ نحو عام، حيث تسعى واشنطن لخفض الأسعار من أجل دعم المجهود الحربي إلى أوكرانيا من قبل الدول الأوروبية وواشنطن.
تصويت... هل بدأت واشنطن تفقد نفوذها على قطاع النفط بعد قرار "أوبك +" بخفض الإنتاج؟
يوضح في حديثه مع "سبوتنيك"، أن المخزون الاستراتيجي الأمريكي من النفط انخفض إلى مستوى غير مسبوق منذ نحو 38 عاما، بسبب ضخ كميات كبيرة للأسواق لخفض الأسعار، وهو ما واجهته "أوبك" بتخفيض مليوني برميل في السابق.

لجأت واشنطن لزيادة ضخ كميات أخرى في الأسواق ما دفع نحو انخفاض الأسعار إلى ما دون 70 دولارا، حسب توضيح الجواهري، الأمر الذي استوجب على دول "أوبك بلس" العمل من أجل الحفاظ على الأسعار عبر الخفض الطوعي.

ويوضح الجواهري مدى التناقض الأمريكي الذي انتقد خفض الإنتاج من قبل الدول المنتجة، في حين أنها تقوم بضخ نحو مليون ونصف برميل يوميا فوق المعتاد من أجل خفض الأسعار.
وفق الخبير العراقي، فإن اتجاه "أوبك بلس" للتخفيض الطوعي يحمل رسالة للولايات المتحدة الأمريكية، وأنه حال تراجع الأخيرة عن إغراق الأسواق وضخ كميات إضافية، يمكن للدول المنتجة التراجع عن التخفيض بشكل جماعي أو فردي.
ولفت إلى أن نسبة التضخم في أوروبا مرتفعة بمستويات غير مسبوقة، بالإضافة للمأزق الذي تورطت فيه عبر دعمها لأوكرانيا بضغط وأوامر أمريكية، الأمر الذي فاقم الأعباء الاقتصادية في ظل الدعم المالي الكبير الذي قدم لأوكرانيا.
مساعي مشروعة
من ناحيته، قال الدكتور عبد الجليل معيوف مستشار النفط الليبي، إن ما يجري الآن في سوق الطاقة هو أمر طبيعي، مضيفا في حديثه مع "سبوتنيك"، أن الإجراءات المتخذة عبر "منظمة أوبك" تهدف لعدم انخفاض الأسعار. متوقعا مد التخفيض الحالي حتى نهاية 2023.
نوفاك: اللجنة الوزارية لـ"أوبك+" توافق على الخفض الطوعي لإنتاج النفط
ويرى أن العديد من عوامل تؤثر على أسعار النفط والغاز، منها الأزمة الأوكرانية وزيادة الطلب الصيني والهندي، فضلا عن مخزون النفط الأمريكي، وكذلك تماسك "أوبك بلس".
ولفت إلى أن كافة المعطيات السابقة، تؤثر على الاقتصاد العالمي بالسلب والإيجاب، بالإضافة إلى أن كل محاولات الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط على دول الخليج العربي، لزيادة الإنتاج باءت بالفشل. وكذلك محاولاتها لحث الجزائر وليبيا لزيادة إنتاجها من النفط والغاز لم تثمر، مؤكدا أن روسيا هي من ربحت في الظل الصراع الذي تديره واشنطن ومحاولاتها للضغط على منتجي النفط.
التخفيض الطوعي
التخفيض الطوعي يعني أن الدول تتجه بقرار منها إلى خفض كميات من إنتاجها، دون قرار من أوبك بشكل رسمي، ويهدف لإعادة التوازن للأسواق للحفاظ على الأسعار.
وصرح نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، اليوم الاثنين، بأن لجنة المراقبة الوزارية لـ"أوبك+" وافقت على خفض إضافي لإنتاج النفط من قبل عدد من دول التحالف.

وقال نوفاك خلال لقاء على قناة "روسيا 24": "أود بشكل خاص أن أشير إلى أن هذا التخفيض الإضافي طوعي. ليس داخل "أوبك+". هذا بالإضافة إلى الإجراءات، التي تم اتخاذها في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، بتخفيض قدره مليوني برميل يوميًا حتى نهاية عام 2023، تم أخذ هذه القرارات في الاعتبار. ومن حيث المبدأ، تمت الموافقة عليها اليوم خلال لجنة المراقبة الوزارية لـ"أوبك+"، كإجراءات مهمة وضرورية للغاية في الوقت الحالي من أجل استقرار الوضع في السوق".

تتجه المملكة السعودية لتخفيض في إنتاجها من البترول الخام، مقداره 500 ألف برميل يوميًا، ابتداء من شهر أيار/ مايو وحتى نهاية عام 2023"، حسب (واس)، كما تخفض دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل طوعي إضافي إنتاجها من النفط بمقدار 144 ألف برميل يوميا" في الفترة ذاتها، حسب (وام).
وأعلنت أعلنت الكويت "خفضا طوعيا بمقدار 128 ألف برميل يوما، كما يخفض العراق، إنتاجه بمعدل 211 ألف برميل يومياً"، وفق بيان لوزارة النفط، وفي ذات الإطار تخفض الجزائر الإنتاج بمقدار 48 ألف برميل، حسب وزارة الطاقة.
طالع أيضا: الخفض الطوعي لإنتاج النفط في "أوبك+"... هل يحقق استقرار أسواق البترول؟
مناقشة